الفيسبوك الصديق الحميم والعدو اللدود

منذ 2015-11-15

بسم الله، والحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. إنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تحتلُّ الصَّدارةَ في عدد الزَّائرين، ويشغل موقع الفيسبوك حيِّزًا كبيرًا من الاهتمام، وله أثرٌ كبير في المجتمعات لا يستطيع المرء تجاهله.

بسم الله، والحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. إنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تحتلُّ الصَّدارةَ في عدد الزَّائرين، ويشغل موقع الفيسبوك حيِّزًا كبيرًا من الاهتمام، وله أثرٌ كبير في المجتمعات لا يستطيع المرء تجاهله، أو التقليل من رواجه في نَشر الأفكار البنَّاءة وأيضًا في نشر الأفكار المنحرِفة، ويرتكز هذا الأثر على توجُّه الزَّائرين ومقاصِد المشارِكين، وفي خضمِّ هذا التباين العَظيم يُعتبر الفيسبوك إمَّا صديقًا حميمًا أو عدوًّا لدودًا.

الكثير قد لا يَعلم عواقبَ الوجود والمشارَكة على مواقِع التواصُل الاجتماعي بشكلٍ عام، والفيسبوك بشكلٍ خاص، فالبعض يتكاسَل عن اغتنام فضائل هذه النِّعمة في نَشر الخير؛ وهذا لعدم معرفته وإدراكه لهذا الخَير، والبعض الآخر يتغافَل عن الشرِّ الذي يكتسبه من جرَّاء نَشر الشرور، والبعض يقتنِص هذه الفرصةَ السَّانحة لكي يَحظى بشرف التِّجارة الرَّابحة، وهي التجارة المنجية من العذاب، والطريق الممهد لنَيل الثواب.

الفيسبوك صديقك الحميم:
إنَّ نشر الخير على الفيسبوك من أبواب الخير العظيمة، ولو عَلِم المرءُ نتائجَ مشاركته الطيِّبة، لسعى لها سعيًا محمودًا، فنَشر المعلومات الشرعيَّة من أبواب الحسنات الجارية، والحسنات الجارية هي التي تستمرُّ بعد الممات، فعسى أن يكون ما يتم نشرُه سبيلاً لذلك، ولقد قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعُو له» (مسلم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله وملائكته وأهل السَّموات والأرض حتى النَّملة في جُحرها، وحتى الحوت، ليُصلُّون على معلِّم الناس الخير» (الترمذي وصحَّحه الألباني).

إنَّ نشر المعلومات الشرعيَّة، ومحتوى الصَّفحات والمواقع الدَّعويَّة - له فَضل كبير، وفيما يلي توضيح لهذا الفضل؛ لكي يعلمه كلُّ طالبٍ لرضا الله تعالى، ويدرِكه من يَسعى لنَيل الأجور العظيمة من الله ذي الجلال والإكرام.

• نشرك للأذكار الشرعيَّة تَذكِرة لعباد الله تعالى بالله سبحانه، وهو من أعظم العبادات وأجلِّ الأعمال، وفي الحديث القدسي: «أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذَكَرني؛ فإن ذكَرَني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في مَلأ ذكرتُه في مَلأ خير منهم» (البخاري ومسلم).

• نشرك للصَّفحات الدعويَّة الموثوق بها دلالة على الخير، وكلُّ مَن يشترك في هذه الصَّفحات عن طريقك، وكلُّ من يتعلَّم من هذه الصفحات عن طريقك - يكون بفضل الله تعالى في ميزانك، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: «من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثلُ أُجور من تَبِعه، لا ينقُص ذلك من أُجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه، لا ينقُصُ ذلك من آثامهم شيئًا» (مسلم).

• سارِع بالاشتراك في الصَّفحات الدعويَّة، ولا تَبخل على نفسك بنَشر المعلومات الشرعيَّة، ولا تتكاسَل عن نَشر كلِّ خيرٍ يَصل إلى يديك، ومن الصَّفحات الدعويَّة التي يوصى بالاشتراك فيها صفحة موقع الألوكة، وصفحة موقع طريق الإسلام، وصفحة موقع الإسلام سؤال وجواب، وصفحة موقع إسلام ويب، وصفحة موقع البطاقة.

• شارِك بتذكير المسلِمين بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وكلُّ أجر يترتَّب على تَذكرة الغير يكون في ميزان الحسنات، وكل مرَّة تَذكر اللهَ تعالى في ملأ يَذكرك الله تعالى في ملأٍ خير منهم، والدالُّ على الخير كفاعله.

• شارِك بتذكير المسلمين بفضل الصَّلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كلِّ مرَّة يُصلُّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّة، يصلِّي الله تعالى عليهم وعليكَ مقابلها عشر مرات.

• شارِك بتعليم المسلمين سننَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وثابِر على نَيل هذا الأجر العظيم، ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحيا سنَّةً من سُنَّتي قد أُميتَت بعدي، فإنَّ له من الأجر مثل من عمل بها، مِن غير أن يَنقص من أجورهم شيئًا»؛ (الترمذي).

• شارِك بتعليم المسلمين صفةَ الصلاة الصَّحيحة كما وردَت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

• شارِك بتعريف المسلمين بفضائل ومكارم الأخلاق والأجر المترتب على ذلك.

• شارِك بنشر الفتاوى الشرعيَّة.

• شارِك بنشر التلاوات من القرآن الكريم.

• شارِك بنشر معلومة نافِعة ومفيدة للمسلمين.

• شارِك بنشر الفقه الإسلامي، وساهِم في توعية المسلمين بما يجب عليهم تعلُّمه، وثابِر على ذلك، واحتسِب الأجر عند الله عزَّ وجلَّ.

• لا تبخل على نفسك، وكلُّ ما تقوم بنشره تَنال بسببه أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.

الفيسبوك عدوك اللَّدود:
البعض على الفيسبوك يسعى سعيًا حثيثًا إلى جهنَّم؛ فهو لا يكتفي بذنوبه، بل يحب أن يجاهِر بها، ويقوم بمشارَكة الآخرين في أوزارهم، يسعى لرِضا الغير، وهو لا يَعلم أنَّه يحمل سيِّئاتهم، ولقد قال الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:25]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «مَن دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثلُ أُجور من تَبعه، لا ينقُصُ ذلك من أُجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تَبعه، لا ينقُصُ ذلك من آثامهم شيئًا»؛ (مسلم)، فمَن يدُلَّ على الخير يَنَلْ أجرَ من يتَّبع هذا الخير، ومن يكنْ سببًا في جَلب الشر للناس واكتسابهم للوِزر يَحملْ أوزارَهم.

• لا تَنشر النُّكت، ولا تشترك في صفحات النكت، فهذه الصَّفحات لا تدرك عواقب ما تقوم بنشره، وتوجد الكثير من المخالَفات الشرعيَّة والكذب في هذه الصَّفحات، لن يدرِك عواقبَها مَن لا يعلم أنَّ الأمر عظيم، ولقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ويلٌ للذي يُحدِّث فيَكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له ثم ويل له» (أخرجه: أبو داود، والترمذي، والنسائي بإسنادٍ جيد).

• لا تنشر الموسيقا، وصور النِّساء، وأخبار الفاسِقين؛ حتى لا تتحمَّل أوزارًا لا قِبَل لك بها يوم القيامة، وتذكَّر أنَّ سيئة قد تكون سببًا في دخول جهنم.

• لا تقم بنشر الأحاديث الضَّعيفة والمنكَرة؛ حتى لا تشترك في نَشر الكَذِب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّما قم بنشر المعلومات الشرعيَّة من المصادر الشرعية والصفحات الإسلاميَّة الموثوق بها والموثوق في منهجها؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، مَن كذب عليَّ مُتعمِّدًا فليتبوَّأ مقعده من النار»؛ (رواه البخاري، ورواه مسلم في مقدِّمة صحيحه دون قوله: إنَّ كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد).

• لا تَقم بنشر الصور التي يطلقون عليها Comics؛ فهي حافِلة بالكذب، وتروِّج مَشاهد لأهل الفِسق من أفلام وأغانٍ، والبعض ممَّن يَقوم بنشر هذه الصور لا يدرِك الجريمةَ العظيمة التي يَرتكبها بكتابة لفظ الجلالة في سياق ترويجهم للنكت والكذب، فيكتبون جُملاً مثل: "إن شاء الله"، وهذه الأفعال كفيلة بدخول جهنم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ العبد لَيتكلَّمُ بالكلمة من رِضوان الله لا يُلقي لها بالاً، يرفعُه الله بها درجاتٍ، وإنَّ العبد ليتكلَّمُ بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنَّم»؛ (البخاري)، ولا يتجرَّأ على المشارَكة في نشر مثل هذه الأمور من يتدبر قولَ الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65-66].

• لا تقم بالإعجاب بمنشورٍ يخالِف الشرعَ، أو به إسفافٌ وخدش للحَياء، وترويج لمطامع النَّفس السيئة؛ فإعجابك بالمنشور تَشجيع لمرتكِب المعصية، ودلالة للغير على ما قمتَ بالإعجاب به.

• لا تشترك في صفحات المنحرِفين والفاسِقين والموسيقيِّين، ممَّن يبيعون السوء ويتاجرون بالمعصية، وتذكَّر أنَّ المرء يُحشر مع من أحبَّ، ولقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ هنَّ حقٌّ: لا يجعلُ الله مَن له سهمٌ في الإسلام كمن لا سهم له، ولا يتولَّى اللهَ عبدٌ فيُوليه غيره، ولا يُحبُّ رجُلٌ قومًا إلاَّ حُشر معهم» (الطبراني وصححه الألباني).

ختامًا:
احرص كلَّ الحرص على معرفة وإدراك أنَّ قيامك بالكتابة والمشارَكة والإعجاب والنَّشر على الفيسبوك - له عاقبتان، فاختَر إحداهما:
• عاقبة الخير الكبير بنَشر الخير والعِلم النَّافع، وهو طريق للجنَّة، وباب للحسنات الجارية التي تستمر بعد الموت، فلا يَنقطع عمل المرء وهو في أشد الحاجَة لنَيل الثواب والحسنات.

•عاقبة الشرِّ المستطير بنَشر المخالفات الشرعيَّة والمنكرات، وهو طريقٌ لجهنَّم، وباب للسيئات الجارِية التي تستمر بعد الموت الذي لا يعلم المرء متى يكون.

أخي الكريم، لا تَقم بنشر إلاَّ ما يسُرُّك أن تراه في صحِيفَتك يوم القيامة، واسأل نفسَك قبل النَّشر: هل هذا في ميزان الحسنات أم في ميزان السيئات؟ هل نَشرك لهذا العمل يقرِّبك من الجنَّة أم يقرِّبك من النَّار؟

نسأل الله تعالى أن يسلِّمنا من كلِّ شرٍّ، وأن يَرزقنا من فضله وعِلمه، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أحمد عبد القادر

  • 5
  • 0
  • 8,304

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً