ما حيلة كرة بين الأقدام

منذ 2015-11-16

انتشر على الفيس منشورات لإخوة يصرحون أو يلمحون إلى أن أجهزة الحكم في مصر هي الفاعلة بالنسبة لتفجير الطائرة الروسية وأن كل شيء "انكشف وبان" لأمريكا وبريطانيا وروسيا.. ورغم أن بعضا ممن كتب هذا أو اقتنع به هم من النابهين على الفيس بوك إلا أنني أرى أن هذا الكلام غير منطقي من نواح كثيرة فهو كعادة تحليلات الإخوة يتجاهل منطق اللاعبين أي يفكر في المشكلة بعقل ومنطق الأخ الكاتب وليس بعقل ومنطق أطراف المشكلة موضع التحليل.

أولا: لو فعلا ثبت لبريطانيا وأمريكا أن القيادة المصرية هي الفاعلة وأخبروا روسيا بالأدلة لما سكت ثلاثتهم حتى يضعوا المتهم بحبل المشنقة على أراضي أوروبا بمقر المحكمة الجنائية الدولية. فالموضوع مش لعبة ولا هم يتهاونون بشأن رعاياهم ولا قواعد أمن النظام الدولي اللي هو يمثلهم هم، ولا يتمهلون في هذا..وليس فقط وقف رحلات الطيران لشرم الشيخ بينما الرحلات مستمرة لمطارات مصر الأخرى العديدة.. فهم لا يهزلون في هذه الأمور ولا يتمهلون.

ثانيا: الأجهزة المصرية مش من تقاليدها ولا منطقها اللعب بالنار مع النظام الدولي فضلا أن يتم اللعب بمثل هذه المجازفة الخطيرة، وإذا كان النظام بذل ويبذل جهودا بالغة للانعتاق من مخاطر الشكاوى الدولية الحقوقية ضده بشأن المصريين (رغم عدم جدية وضعف عزيمة محركيها وترددهم حتى الآن) فهل يورط نفسه في مزيد من المشاكل مع دم أوروبي ونظام أمن دولي؟

ثالثا: لو فعلا بريطانيا كشفت النظام وزعلانين منه وأخبرت روسيا وأميركا طب ساكتين ليه؟ وليه لم يفضحوه ويخربوا بيته؟ وليه تاركين رعاياهم في مصر كلها ولم يسعوا لسحبهم غير في شرم فقط؟

رابعا: لو اتفقت الدول الثلاث ومعهم إسرائيل على كتم سر تورط النظام المصري فهل الصحافة عندهم ومصادرها الدقيقة داخل أجهزتهم هناك كلها تواطأت على كتم الموضوع أيضا؟ وهل أردوغان بعضويته في الناتو وعلاقاته وأجهزته لم يتسرب له السر اللي تكتمه الدول الأربعة وتتستر على السيسي بكتمانه؟ أم وصل الخبر لأردوغان وبرضه ستر على السيسي؟

المشكلة العويصة أننا نحب أن نحلل السياسة بمنطقنا الذاتي اللي هو أصلا مسجون في خبراتنا الداخلية النفسية التي لم تنفتح بعد على الواقع وبالتالي لا نفهم كيف تجري الأمور وكيف يفكر اللاعبون السياسيون في العالم كله حتى الآن.. ولذلك سيظل اللاعبون يلعبون بنا ونحن لا حيلة لنا إلا كحيلة كرة بين أقدام لاعبيها..وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 6
  • 0
  • 2,366

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً