مَن أجهل مِن أبي جهل؟َ!
أبو محمد بن عبد الله
أبو جهل الأول لمَّا ذاق المُوسَى والكبريت من أبي جندل وأبي بصير وأصحابهما، لم يذهب ليقاتل المسلمين في ديارهم، ولم يزجَّ بشعبه في حرب الأشباح ليأتي برأس أبي جندل وأصحابه رضي الله عنهم
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية -
أبو جهل أفقه مِن أوباما وهولاند وبوتن، نعم، أبو جهل كان أوعى من هؤلاء، وكان أرعى لشعبه منهم، فإذا كان هو أبا جهل فهؤلاء هم الجهل نفسه، والجاهلية نفسها.. فمَن أجهل مِن أبي جهل؟َ!
ذلك أن صلح الحديبية قضى بألَّا يلحق مَن أسلم بمدينة الإسلام، فأمسكت (دولة قريش) برئاسة أبي جهل المسلمين المستضعفين وأذاقتهم العذاب والتنكيل، ففر منهم واحد هاربا اسمه أبو بصير حتى وصل المدينة، ولحقه رجلان من انتربول قريش ومخابراتها، فأسلمه النبي صلى الله عليه إليها التزامًا بالعهد؛ ، فاحتملاه. فلما نزلوا بذي الحليفة أخذ أبو بصير السيف من أحد الرجلين، ثم ضرب به اأحدَهما فقتله وفرّ الآخر، وأتى أبو بصير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قد وَفَّت ذمتُك وأطلقني الله فقال عليه السلام: « ». ففطن أبو بصير من لحن هذا القول أنه سيرده، وخرج إلى سيف البحر على طريق قريش إلى الشام ولحقه أبو جندل، وانضاف إليه جمهور من يفر عن قريش ممن أراد الإسلام فآذوا قريشا وقطعوا على رفاقهم وسابلتهم، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمهم بالمدينة.
فأبو جهل الأول لمَّا ذاق المُوسَى والكبريت من أبي جندل وأبي بصير وأصحابهما، لم يذهب ليقاتل المسلمين في ديارهم، ولم يزجَّ بشعبه في حرب الأشباح ليأتي برأس أبي جندل وأصحابه رضي الله عنهم، بل توسَّل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن قد رفعنا اسم الإرهاب عن هؤلاء، وأخرجناهم من قائمته، فاجعلهم مواطنين عندك، لهم حريتهم في اختيار دينهم وقيادتهم وشكل لبستهم ومائدة أغذيتهم... وإن لم يكن قصده إلى هذا الحق، وإنما هي فعلة حقِّ أُريد بها باطل، أُريد بها: فاجعلهم مواطنين عندك ليتم تدجينهم فيؤمن جانبهم بدخولهم تحت قيادة راشدة تلتزم بالاتفاقات الحاقنة للدماء دمائهم قبل دماء المسلمين..
ولكن غباء هؤلاء البُله وجاهليتهم الحمقاء دفعاهم إلى مزيد من الإيغال في التنكيل بالمسلمين، وهم يتسنَّنون بفرعون في إرهابياته، التي صوَّرناها في مقالنا: لأقطِّعنهم، لأُصلِّبنَّكم، ونحوها، تحت اسم "حرب الإرهاب" مما تسبب في اطِّراد زيادة التطرف في سفك دماء شعوبهم فليحصدوا ما تزرع جاهليتهم.
إنَّ هؤلاء يُخربون بيوت المؤمنين ويقتلون أبناءهم ولا يستحيون حتى نساءهم كما كان يفعل فرعون، فهؤلاء قتلوا الجميع، فكانوا أقل تمتُّعا ببعض أخلاق الحرب، لا كما قال الإسلام فحسب، بل كما قالت أخلاق فرعون المتألِّه، لأن فرعون استحيا النساء، أي تركهن أحياء.. ومع ذلك فإن في ذلك خراب بيوتهم هم أنفسهم بأيدهم وأيدي أبناء جندلٍ وبصيرٍ... وأبناء أعمى كذلك!
ومن هنا تعرف أن الجهل والجاهلية ليست اسمًا ولا لقبا، وليست أُمِّيًّةً وليست فترة زمنية قضت ومضت، وإنما هي نفسية مريضية، وطبيعة همجية، وأخلاقيات وحشية.. هي اللاإنسانية، وإن زعم أصحابُها ما زعموا..
لكني أعود فأقول: لعل ما يُفسير هذا الأمر أن هؤلاء في حقيقة الأمر ليسوا رؤساء لدولهم ولا لشعوبهم، وإنما هم أدوات في أيدي رؤساء شعب يهود، وألعوبة في أيديهم، بل عبيد لهم، يُضحُّون بشعوبهم وجنودهم وأموالهم لأجل حماية شعب يهود، شعب الله المختار.. زعموا.