حفل رأس السنة

منذ 2015-12-10

الأب بصوت حنون: أحمد نحن الذين أخطأنا ولكن نعدك أن لا نحتفل بعد اليوم إلا بعيد الأضحي و عيد الفطر. أحمد ببراءة الطفولة : ماما هل ستعملين لنا كعكة و زينة و نذهب إلي الحديقة في عيد الأضحى!!

كانت عقارب الساعة تشير إلي الثانية عشر إلا خمس دقائق من ليلة الحادي والثلاثون من ديسمبر أسرعت الأم بخطوات سريعة نحو مفتاح الكهرباء وأغلقته ..

ليعم البيت ظلام دامس ..
فجأة أضاء هذا الظلام شعلة صغيرة في يد الأب اتجه بها نحو الشمعة التي في منتصف الكعكة التي قضت الأم فيها الساعات لتزين وجهها بالكريما ولم تنسى أن تخط عليها كلمة Happy New Year.

بدأ ضوء الشمعة يزيل شيئاً من الظلام ليظهر وجه أحمد الطفل الصغير الذي كان يجلس بجوار الكعكة.

كانت الأم تنظر إلى الشمعة وهي تفكر في أيام شبابها وزواجها
وكان الأب ينظر إلى الشمعة وهو يفكر في مشاريعه التي بدأها
أما أحمد فكان ينظر إلى الشمعة وهي تحترق لتضيء لهم المكان، وتدور في رأسه كثير من الأسئلة.

قطعت أجراس الساعة وهي تعلن تمام الثانية عشر بعد منتصف الليل أفكار الجميع.

أخذت الأم بيد أحمد وأخذ الأب بيده الأخرى ثم إتجه الجميع نحو الشمعة ثم هوووووووف... كانت كفيلة أن تطفىء الشمعة، ليصفق الجميع بما فيهم أحمد بيديه الصغيرتين.

قفز الأب نحو مفتاح النور وضغط عليه ليظهر النور تلك الزينة التي امتلأ بها البيت ..

أحمد: "ماما".
الأم: "نعم ياحبيبي".
أحمد: "هل سوف نذهب غداً للكنيسة؟؟".
الأم باستغراب: "لماذا؟!".
أحمد: "معنا طالب نصراني قال إنهم سوف يذهبون غداً للكنيسة".
الأم: "نحن مسلمون نذهب إلى المسجد".
سكت أحمد برهة ثم قال: "هل سيحتفلون في المسجد غداً؟؟".
الأم: "لا".
أحمد: "لماذا؟"
احتارت الأم في إجابة هذا السؤال ففضلت الصمت.

و لكن أحمد واصل قائلاً: "بالتأكيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتفل بهذا العيد".
انتفض الأب في مكانه ثم قال: "لا لم يحتفل".
نظر أحمد إلى أبيه باستغراب وقال: "أنا أحب رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنتم قلتم لي يجب أن تفعل ما كان يفعله وتترك مالم يفعله، فلماذا إذن نحتفل بهذا العيد طالما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحتفل به؟".
تلاقت نظرات الأم والأب مع بعضهما عسى أن يجدوا مخرجًا من هذا المأزق الذي تسببه لهم أسئلة أحمد.

ضمت الأم أحمد وقالت له: "نحن نفرح ونحتفل وغداً سوف نذهب بك إلى الحديقة فلا داعي لهذه الأسئلة الكثيرة".

سكت أحمد على الرغم من تلك الأسئلة التي تدور في رأسه الصغير حتي يرضي والدته.
قام 
الأب وفتح التلفاز عسى أن يجد برنامج ينسي أحمد أسئلته، ولكن ..
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ..

ما أن ظهرت الصورة إلا وانطلق صوت الشيخ وهو يتحدث في إحدى القنوات الفضائية:
إن من مظاهر التغريب التي ظهرت في العالم الإسلامي الاحتفال بأعياد الكريسمس ورأس السنة في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لنا الاحتفال في الإسلام بعيدين فقط عيد الأضحى وعيد الفطر والدليل ما رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا: "كنا نلعب فيهما في الجاهلية"، فقال: «إن الله قد أبدلكم خيرًا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر».

والدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرهما على العيدين الجاهلين فنبذهما وجعل بدلهما عيدين شرعيين. هذا بالإضافة إلى يوم الجمعة.

ودليل آخر ما رواه أبو داودعن ثابت بن الضحاك قال: "نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة" فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟» قالوا: "لا" قال: «فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟» قالوا: "لا" قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم»
فالرسول حرم الوفاء بالنذر في مكان كان به عيد من أعياد الجاهلية وسمى ذلك معصية فكيف بمن يحضر أعياد الكفار.

فلا يجوز لنا أن نحتفل بأعياد النصارى لأن العيد له علاقة بالعقائد ولكل أهل دين أعياد يحتفلون بها.

وقد تحدث العلماء قديماً وحديثاً عن حكم مشاركة النصارى أعيادهم وإليكم فتوى الشيخ العثيمين رحمه الله في هذا الموضوع ..

كان أحمد يراقب كلام الشيخ كلمة كلمة ..
واصل الشيخ قائلاً:
سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
س: ما حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسمس؛ لأنهم يعملون معنا؟ وكيف نرد عليهم إذا حيونا بها؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة، وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد وإنما فعله إما مجاملة أو حياء أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب، وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟ أفتونا مأجورين.

جـ: تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه (أحكام أهل الذمة). حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب؛ بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر؛ فقد تعرض لمقت الله وسخطه" انتهى كلامه رحمه الله.

وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنىء بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى: { إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة:3].
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.

وإذا هنؤنا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليهوسلم إلى جميع الخلق وقال فيه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]. وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم لها لما في ذلك من مشاركتهم فيها. وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أوتعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبَّه بقومٍ فهو منهم» سنن أبي داود:[4031]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): "مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء". انتهى كلامه.

ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو تودداً أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.

والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم ويرزقهم الثبات عليه وينصرهم على أعدائهم إنه قوي عزيز.والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المذيع: "فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً".

جرت دمعة صغيرة علي خد أحمد مسحتها الأم بسرعة وهي تربت على كتفيه.

أحمد: "ماما هل عليّ أنا ذنب؟"
الأم وقد حاولت جاهده أن تحبس دموعها ولكن ما استطاعت لتهرب منها دمعتين وهي تقول: "لا أنت ليس عليك ذنب أنت مازلت صغيراً".
الأب بصوت حنون: "أحمد نحن الذين أخطأنا ولكن نعدك أن لا نحتفل بعد اليوم إلا بعيد الأضحى وعيد الفطر".
أحمد ببراءة الطفولة: "ماما هل ستعملين لنا كعكة وزينة ونذهب إلى الحديقة في عيد الأضحى!!". 

 

حاتم حمزة

  • 7
  • 0
  • 5,472

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً