قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: التفسير -
في حال السخط و شدة الغضب بل ويمكن أن نقول بوضوح (في حالة ضعف الإيمان ) يتسخط الإنسان على قدر الله ناسياً أو متناسياً السبب المباشر فيما استحق بسببه العقوبة أو هذا المكروه الذي يتسخط عليه .
و مع ضعف الإيمان و سيطرة الحزن قد ينسى الإنسان نعم الله التي لا تعد و لا تحصى و رعايته التي يحوطه بها و حفظه له في كل حال ... ولو تركه طرفة عين لهلك .
تأمل تسلية الله العلي القدير لعباده المؤمنين حال انكسارهم و تذكيره إياهم بنعمه ثم سبب نزول العقاب عليهم... لو نظرت نظرة محب لهذا الخطاب لاطمئن قلبك لرب عظيم يسلي عباده و يحنو عليهم حال كربتهم .
قال تعالى مخاطباً أصحاب نبيه صلى الله عليه و سلم وقت محنة أحد :
{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران 165 - 168] .
قال السعدي في تفسيره :
هذا تسلية من الله تعالى لعباده المؤمنين، حين أصابهم ما أصابهم يوم "أحد" وقتل منهم نحو سبعين، فقال الله: إنكم { قد أصبتم } من المشركين { مثليها } يوم بدر فقتلتم سبعين من كبارهم وأسرتم سبعين، فليهن الأمر ولتخف المصيبة عليكم، مع أنكم لا تستوون أنتم وهم، فإن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار.
{ قلتم أنى هذا } أي: من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا؟ { قل هو من عند أنفسكم } حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية.
{ إن الله على كل شيء قدير } فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم. { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض } .
أبو الهيثم