ادّعاء

منذ 2015-12-21

علامة الإخلاص في المحبّة للمحبوب هي بذل كل غالٍ ونفيس في درب الوصول إليه حتى يصير زوال الروح أهون على المُحِب من حجبه عن المحبوب.

وكلّ قول يلزمه فعل، ليكون الدلالة العملية على الزعم القوليّ... وإلّا فما أيسر الادّعاء!

وتنطبق تلك القاعدة على كلّ شيء في الحياة بدءًا من مظلة وقوام الحياة وهي العبادة والإيمان، ثم نزولًا للمعاملات وسائر الأمور الأُخرى؛ {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2].

وكلّ ادّعاء يلزمه تمحيص يتبيّن منه صدق الادّعاء من كذبه، واخلاص النية من انتفاءها.

وبالرغم من هذا كلّه فإنّ بعض الأمور هي فرض واجب لا يسقط بأي حال إلّا في حالات بيّنها الشرع وفصّل فيها الفقهاء باختلاف الأصول وفروعها وتطبيقاتها.

ذاك فيما يخص الشرع وهو أمر كامل بكمال الدين وكمال الرسالة واخلاص النبي محمد صلى الله عليه وسلّم في تبليغ رسالته... {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].

ويأتي الاختلاف بعد ذلك في أمور الشرع متمثلًا في استنباطات العلماء واختلافات الفقهاء، اختلافات الرحمة والتيسير على المكُلَّفين؛ بما لا يخرج عن كونه تحت مِظلّة الشرع بشكل عام، وهو عمل قيّض الله له رجاله من طلبة العلم كبيرهم وصغيرهم.. نسأل الله أن يُصلحهم أجمعين ويجعلهم سبيلًا لايضاح كل ما خفي علينا وجهلناه من أمور الدين.

لكن في المُعاملات والأحاسيس فإنّ الأمر جدُّ عسير، فأحكامه مُبهمة إلى حدٍ كبير، ويظل الصدق مطية الوصول وصكّ القبول! والتمحيص سنّة حتّى على المشاعر، فمن ادّعى المحبّة لا بُد أن يُبتلى فيها حتّى يتبيّن وجودها من عدَمه، ويقينها من وهْمه.

فإن كانت المحبّة لله غايتها، وبَلَغَت في الصدق نهايتها؛ كُتِبَ لها الوصل لا القطع والسماح لا المنع، فإنّ الله رحيم بعباده وقلوبهم ، نُبتلى بالمشقّة ونُرحم بالتيسير ، وتقدير الحدوث لأي شيء ليس على الله بعسير ..

علامة الإخلاص في المحبّة للمحبوب هي بذل كل غالٍ ونفيس في درب الوصول إليه حتى يصير زوال الروح أهون على المُحِب من حجبه عن المحبوب.. وصدقًا لن تكون محبة كتلك بين اثنين إلّا إن صدقا وأخلصا ولم يُشرِكا في المحبّة..

تحابّا في الله حتى صار لزامًا أن يجتمعا بقدر الله على مُراد الله، ولا سبيل أن يتوقّفا عن السعي إلى البلوغ؛ فإنّ الروح لن تسكن حتى تبلغ المرغوب، وتظلّ الروح مضطربة حتى تركن إلى المحبوب!!

فهل من عاقِل يُفرِّط في محبوب من الدُنيا؛ هو رفقته لله عزّ وجلّ؟!
فساد الأمر من مقارفة الذنب، وعجز العزيمة من هوان القلب.

شيماء علي جمال الدين

طالبة علوم شرعية على أيدي الشيوخ سواء على شبكة الإنترنت أو في محافظة الإسكندرية مهتمة بمجال دراسة علوم القرآن والتفسير بشكل خاص. لها العديد من المقالات والأبحاث والقصص القصيرة المنشورة على الشبكة الإلكترونية.

  • 5
  • 0
  • 4,944

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً