كم فرطنا في قراريط كثيرة، وكم فاتنا من النخلات!

منذ 2016-01-03

دأب الصالحين:
بسم الله، والحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. مَن يتتبَّع سِيرَ الصَّالحين يَجد موارد الخير، ومن يلتمِس نهجَ المصلِحين يستكشف ينابيعَ الأجر؛ هكذا كان دأبهم السَّعي الحثيث للآخِرة، والنَّدم على فوات الأعمال الصَّالحة. وفي هذا المقام نرصد موقفَين من أجمل المواقف المؤثِّرة في بَذل النَّفس للخير، والتِماس الأجر.


كم فَرَّطْنا في قراريط كثيرة!
حُدِّث ابنُ عمر أنَّ أبا هريرة يقول: "مَن تَبع جنازةً فله قيراطٌ"، فقال: أكثرَ أبو هريرة علينا، فصدَّقَت -يعني: عائشة- أبا هريرة، وقالَت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقوله، فقال ابنُ عمر رضي الله عنهما: "لقد فرَّطنا في قراريط كثيرةٍ" (البخاري).
في هذا الحديث العظيم، ندرك فوائدَ عظيمة:
الفائدة الأولى: أجر تتبُّع الجنازة؛ وهو قيراط في الجنة.
الفائدة الثانية: السعي الدؤوب لاكتساب الأجور.
الفائدة الثالثة: النَّدَم على التقصير في اكتساب الأجر.
ويرجى من الله تعالى لِمن أخلَص في التوبة عن التقصير- اكتسابُ أجر ما فاتَ من الأعمال؛ وذلك عند الإيمان والتوبة والعمل الصَّالح، واللهُ تعالى يُضاعِف لِمن يشاء.

كم فاتنا من النخلات!
عن جابر رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن قال: سُبحان الله العظيم وبحمده، غُرسَت له نخلةٌ في الجنة» (رواه الترمذي).

يقول الشيخ محمود المصري: إنَّ الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى عندما أَبصر الحديثَ الشريف أول مرَّة قال: "سبحان الله، كم فاتنا من النَّخلات! وفي هذا أمر عَظيم للمسارعَة بالخير، والنَّدم على كلِّ لحظة لَم يَستثمرها المسلِمُ في هذه التجارة الرَّابحة، فكل قول: "سبحان الله العظيم وبحمده" يَحصل المسلِم بفضل الله تعالى على نَخلة في الجنَّة، ويحصل بفضل الله تعالى على نَخلة عندما يُعلِّم هذا القولَ العظيم للمسلمين، دون أن ينقص من أجورهم".

كم فاتنا من أجور!
هذا نَهج الصَّالحين؛ يثابرون للتسابق على الخير، بهِمم عالية، وعزائم راسِخة، لا تثبِّطهم ملذَّات الدنيا، ولا تثنيهم عن الخير شَهواتها؛ فالفوز يتمثَّل في ما يُعِدُّه المسلِم لآخرته؛ ففيها الخلود والنَّعيم، والعاقل من يُعِدُّ الزادَ لهذه الرِّحلة، ومَن يعتبر لهذا المقام العظيم، فيسارع بالخيرات، ويبارِز المعاصيَ بالطاعات، ويدلُّ الغيرَ على مصابيح الخير؛ يكتسب الحسنات ليكون في الآخرة من أصحاب الأجور، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].

نسأل اللهَ تعالى أن يَجعلنا من الصَّالحين والمصلِحين، وأن يَرزقنا وأهلَنا والمسلمين الفردوسَ الأعلى خالدين، والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

حسين أحمد عبد القادر

  • 0
  • 0
  • 5,884

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً