ابْن حَزم .. يُحاجّ شيوخ السلطان !
أبو فهر المسلم
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
ابْن حَزم .. يُحاجّ شيوخ السلطان !
فيقول رحمه الله :
( وقال بعضهم: إن في القيام - على الحاكم - إباحة الحريم، وسفك الدماء، وأخذ الأموال ... !
فقال لهم الآخرون: كلا، لأنه لا يَحلُّ لمَن أمرَ بالمعروف، ونَهى عن المنكر؛ أن يهتك حريمًا، ولا أن يأخذ مالًا بغير حق ... !
وأما قتلُ أهلِ المنكر الناسَ، وأخذُهم أموالهم، وهتكُهم حريمهم؛ كلُّه من المنكر الذي يلزم الناسَ تغييرُه !
وأيضًا فلو كان خوف ماذكروا، مانعًا من تغيير المنكر، ومن الأمر بالمعروف؛ لكان هذا بعينه مانعًا من جهاد أهل الحرب .. وهذا ما لا يقوله مسلمٌ، وإن دَعى ذلك إلى سبْي النصارى نساءَ المؤمنين وأولادهم، وأخذ أموالهم وسفك دمائهم وهتك حريمهم !
ولا خلاف بين المسلمين، في أن الجهاد واجب مع وجود هذا كلّه، ولا فرق بين الأمرين، وكل ذلك جهادٌ ودعاءٌ إلى القرآن والسُّنة !
ويقال لهم :
ما تقولون في سلطان جعل اليهودَ؛ أصحابَ أمره، والنصارى جُندَه ... وحَمل السيف على أطفال المسلمين، وأباح المسلمات للزنا، وحمَل السيف على كلّ مَن وجد من المسلمين، ومَلك نساءهم وأطفالهم، وأعلن العبث بهم ؟!!
وهو في كل ذلك مُقرّ بالإسلام، مُعلنًا به، لا يدَع الصلاة ... !
فإن قالوا: لا يجوز القيام عليه ... وأجازوا الصبر على هذا؛ خالَفوا الإسلام جملةً، وانسلخوا منه !
وإن قالوا: بل يُقام عليه ويُقاتَل ...؛ قلنا لهم: فإن قَتل تسعة أعشار المسلمين، أو جميعَهم إلا واحدًا منهم، وسبَي من نسائهم كذلك، وأخذ من أموالهم كذلك ؟!
فإن مَنعوا من القيام عليه؛ تناقَضوا، وإن أوجَبوا؛ سألناهم عن أقلّ من ذلك .. ولا نزال نُحيطهم إلى أن نَقف بهم، على قتل مسلمٍ واحد، أو على امرأة واحدة، أو على أخذ مال، أو على انتهاك بشَرةٍ بظلم !
فإن فرّقوا بين شيءٍ من ذلك؛ تناقضوا وتحكّموا بلا دليل، وهذا ما لا يجوز .. وإن أوجبوا إنكار كلّ ذلك؛ رجعوا إلى الحقّ ).
انظر: الفِصَل في المِلل والأهواء والنِّحَل
قلتُ :
يَرحم اللهُ هذا الإمامَ الجبل، والذي لم يدَع بعد مَقاله، قالةً لقائل !
قد نصَح فجهَر .. وناظرَ فظهَر .. وحاجَّ فظفَر !
ولكنَّ العمَى عن الحقّ؛ بلاء القلب .. لا البصَر !
والله يَهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مستقيم !