عندما تنتفخ الأنا
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
في أمور الدنيا كثيراً ما تغرنا النفس و تعلو فينا الأنا فتفسد ما بين الخليلين و تباعد ما بين الحبيبين , بل قد تفسد مجتمعاً بأكمله .
قال ابن القيِّم: (وفي الصَّفح والعفو والحِلْم مِن الحلاوة والطَّمأنينة، والسَّكينة وشرف النَّفس، وعزِّها ورفعتها عن تشفِّيها بالانتِقَام ما ليس شيء منه في المقَابَلة والانتِقَام) .
- وقال -أيضًا-: (فما انتقم أحدٌ لنفسه قطُّ إلَّا أعقبه ذلك ندامة) [مدارج السالكين ] .
و الأنانية و حب الانتقام تورث العبد الإفلاس في الآخرة خاصة إذا كان المرء ينظر لمصلحته و لا يراعي حرمات أو شعور الآخرين :
[روى مسلم والترمذي] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » .
يقول الدكتور عائض القرني في كتابه لا تحزن :
حبُّ الانتقامِ سُمُّ زُعاف في النفوسِ الهائجةِ: في كتاب "المصلوبون في التاريخ" قصصٌ وحكاياتٌ لبعضِ أهل البطشِ الذين أنزلوا بخصومهم أشدَّ العقوباتِ وأقسى المُثلات، ثم لما قتلوهم ما شفى لهم القتلُ غليلاً، ولا أبرد لهم عليلاً، حتى صلبوهُم على الخُشُب، والعَجَبُ أن المصلوب بعد قتلِهِ لا يتألَّم ولا يُحِسُّ ولا يتعذبُ، لأن روحه فارقتْ جسمه، ولكن الحيَّ القاتل يأنسُ ويرتاحُ، ويُسرُّ بزيادةِ التنكيلِ.
إن هذه النفوس المتلمِّظة على خصومِها المضطرمةَ على أعدائِها لن تهدأ أبداً ولن تسعد، لأن نار الانتقامِ وبركان التشفِّي يدمِّرُهم قبل خصومِهِمْ.
وأعجبُ من هذا أن بعض خلفاءِ بني العباس فاته أن يقتل خصومه من بني أمية، لأنهم ماتُوا قبل أن يتولَّى، فأخرجهم من قبورهم وبعضُهم رميمٌ فجلدهم، ثم صلبهم، ثم أحرقهم. إنها ثورةُ الحقدِ العارمِ الذي يُنهي على المسرَّاتِ وعلى مباهجِ النفسِ واستقرارِها.
إن الضرر على المنتقمِ أعظمُ، لأنه فَقَدَ أعصابَه وراحته وهدوءهُ وطمأنينته.
لا يبلغُ الأعداءُ من جاهلٍ *** ما يبلغُ الجاهلُ مِنْ نَفْسِهِ . أ هـ
فاللهم أصلح قلوبنا و قنا شرور أنفسنا يا رب العالمين .
أبو الهيثم