خاطرة : الحكمة في أشد المآزق
ما أجمل الحكمة و البيان عندما ينجيان صاحبهما من أشد المآزق و هذا محض توفيق من الله .
يُحْكَى عن عنان بن خريم أنَّه دخل على المنصور، وقد قدَّم بين يديه جماعةً -كانوا قد خرجوا عليه- ليقتلهم، فقال أحدهم: يا أمير المؤمنين مَن انتقم فقد شَفَى غَيْظه وأخذ حقَّه، ومَن شَفَى غَيْظه وأخذ حقَّه لم يجب شُكره، ولم يَحُسن في العالمين ذِكْرُه، وإنَّك إن انتقمت فقد انتصفت، وإذا عفوت فقد تفضَّلت، على أنَّ إقالتك عِثَار عباد الله موجبة لإقالته عَثْرتك، وعفوك عنهم موصولٌ بعفوه عنك، فقَبِل قوله، وعفا عنهم. [غرر الخصائص الواضحة للوطواط] .
عن ابن الكلبيِّ عن أبيه، قال: (كان سلم بن نوفل الدِّيليُّ سيِّد بني كِنَانة، فخرج عليه ذات ليلة رجل مِن قومه، فضربه بالسَّيف، فأُخِذ بعد أيامٍ، فأُتِيَ به سلم بن نوفل، فقال: ما الذي فعلت؟! أما خشيت انتقامي؟! قال: له فلِمَ سوَّدناك إلَّا أن تكَظْم الغَيْظ، وتعفو عن الجاني، وتَحْلُم عن الجاهل، وتحتمل المكروه في النَّفس والمال. فخلَّى سبيله، فقال فيه الشَّاعر:
يُسوَّد أقوام وليسوا بقادة بل السَّيِّد المعروف سلم بن نوفل . [المجالسة و جواهر العلم للدينوري] .
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: