إلى اليمين يا هؤلاء!!

منذ 2009-10-27

فإن كان المتكلم بالشبهات يتكلم بغير المعقول من الكلام... بما عُلم كذبه، ويجاب عليه ولا يرجع عن قوله. إن كان معادياً للشريعة، واشتهر بعداوته للشريعة الإسلامية.. قد أوقفَ نفسه على حرب الدين، فهذه الحالة يتم التعاطي معها بما يردها، ويباح التنكيل بها....

بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


تُفْرز الحالة القبطية خصوصاً ما يستحى من عرضه في محفلٍ كهذا؛ يحار العقل حين يفكر في حالهم، وسبب خروجهم بهذا الكم من الوقاحة وقلة الأدب.

ومن وقتٍ لآخر يخرج علينا ـ من إخواننا ـ من يطالبنا بأن نتعاطى هذه الحالة (بالتي هي أحسن)، يقول: "إن هذا خلق الشريعة الإسلامية في الدعوة إلى الله، وأن هذا ما أمرنا الله به، ويستحضر عدداً من النصوص، ونعرف ممن يتكلم الحرص على الخير".

ولكن ثم تفصيل...

حال الرد على المخالف ننظر في ثلاث: ننظر في القول، وننظر في القائل، وننظر في سياق الحال الذي تعرض فيه الشبهات.

فإن كان المتكلم بالشبهات يتكلم بغير المعقول من الكلام... بما عُلم كذبه، ويجاب عليه ولا يرجع عن قوله. إن كان معادياً للشريعة، واشتهر بعداوته للشريعة الإسلامية.. قد أوقفَ نفسه على حرب الدين، فهذه الحالة يتم التعاطي معها بما يردها، ويباح التنكيل بها.

وأَستشهدُ برد القرآن على أبي جهل في سورة العلق وهي أول ما نزل من سور القرآن: {كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴿١٥﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [سورة العلق: 15ـ 16]، فهنا سب صريح لأبي جهل، في أول ما نزل من البعثة.. في مكة حيث الضعف والانكسار وقلة العدد والعتاد، هنا في الآيات تهديد بعذابٍ فيه إذلال للمخاطب (أبي جهل)، كما يقول صاحب (التحرير والتنوير) .

وأستدل بالآيات الأُول من سورة القلم ـ ثاني ما نزل من سور القرآن ـ والتي نزلت في الوليد بن المغيرة {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ} [سورة القلم: 10-13]، في الآية عدد غير قليل من الأوصاف الرادعة التي لا أعرف بما يُكَيِّفُهَا من يعترض، وهي عندي رد بالتي هي أحسن يناسب المقام.

وأستدل برد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على من جاءه بعظمٍ قد بلي يفتته بيديه ويسأل: "أرأيت إن سحقتها وأذريتها في الريح أيعيدها الله؟!"، فكان الجواب تهديد للسائل: نعم ويبعثك الله ويدخلك النار. ولم يكن الجواب وعظ وتذكير من وكلمات ناعمة من تلك التي ينادي بها قومنا، إن التي هي أحسن في هذا المقام مع هذه النوعية من خلق الله هي التهديد والوعيد.

وأستدل بأن شبهات المعارضين جاء الجواب عليها في القرآن الكريم بذكر العذاب، وحيناً يرد عليها جملةً أو تفصيلاً، وحيناً يتعجب من حال المتكلمين بها ويسفه رأيهم ولا يرد على ما يتكلمون به، مثل {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} [سورة الإسراء: 48، والفرقان: 9].

في كل حين يأتي ذكر اليوم الآخر وما فيه من عذاب للعاصين وثواب للطائعين، بعد الشبهات أو بعد استعراض حال المكذبين [1].

وأستدل بالكليم موسى عليه السلام وبني إسرائيل، سأل ربه وسألوا ربهم ذات السؤال، فكان الرد عليه جواباً بالتي هي أحسن، وكان الرد عليهم صاعقة أخذتهم.

سأل موسى عليه السلام ربه أن يراه: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأعراف: 143].

وبنو إسرائيل سألوا ذات السؤال: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} [سورة البقرة: 55].

واختلف الرد لاختلاف حال السائل، موسى ـ عليه السلام ـ يسأل ليزداد إيماناً، وهؤلاء يسألون لغير هذا.

وأستدل بالرد على الأولي سخروا من القراء فجاء الرد لا يلتفت إلى أعذارهم بل راح ينكل بهم {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [سورة التوبة: 66].

أيها السادة...

يعتمد الرد على السائل، فمن يسأل ليعلم ليس كمن يسأل عناداً واستكباراً وإثارة للقلاقل بين الناس. ويعتمد أيضاً على سياق الحال الذي تعرض فيه الشبهات، فمن يرصد برنامجاً مدته دقائق معدودة يثير فيها كماً من القلاقل الفكرية لا يمكن أن نفهم منه أنه مريد للحق باحث عنه.

إن أسئلة أولئك، ومنهم رؤوس الأقباط ممن يتكلمون في القنوات والمنتديات والتسجيلات، تحمل شبهةً وقلةَ أدبٍ، فوجب الرد على الشبهة ووجب تأديب من يتكلم بها لسوء أدبه وحربه للشريعة بما يرده. كان تهديداً بالعذاب كما حصل مع أبي جهل، أم كان سباً وشتماً ـ بما فيه وليس بالكذب ـ كما حصل مع الوليد بن المغيرة، أو كان تأديباً ـ لمن يملك التأديب ـ كما حصل مع بني إسرائيل.

فجواب السؤال قد يكون جواباً، وقد يكون عقوبةً، وقد يكون جواباً وعقوبة، وكل ذلك في كتاب الله، وفي الأمثلة التي عرضتها.

إن هذا الصنف الذي جنَّد نفسه لحرب الشريعة، وهذا الصنف الذي يتكلم بالغريب واللامعقول مما يَعلم هو قبل غيره أنه كذب، أو مما رُدَّ عليه من قبل عدة مرات، أو من يعرض الحقائق في سياق التشويش عليها والنيل منها، هذا الصنف المعوج الذي جهده في البعد عن الشريعة وإبعاد الناس عن صراط الله المستقيم، هذا الصنف من الناس أجد في الشريعة أن التنكيل به وتهديده والقسوة معه في الخطاب مطلب شرعي، أو مباح في الشريعة، أو أن التنكيل به حال الرد عليه طريق الشريعة في الرد على هؤلاء.

وهو العدل وهو الحق، وغيره لا تقبل العقول السليمة.

نفوس مستعلية، لا تبحث عن الحق، وإنما تبذر الباطل وترعاه، تأْفِك الناس عن الحق وهي تعلم أنه الحق، ولا تصغي للوعظ، فما العمل معها؟!

ليس إلا ردها، بما يردها.

إن الخلل يأتي من أولئك الذين يعملون في دعوة المسلمين، أو في دعوة الداخل من خلال الشاشات أو المنابر، فلا يرون مخالفاً، ولا يتكلمون إلى من يردهم أو يرد عليهم، يحسبون أن كل ميادين الدعوة كتلك، وبلا وعي يجتزئون من الشريعة نصوصاً لها مناطات محددة لا تصلح لغيرها، ثم يعممون تلك النصوص.

ألا فذات اليمين يا هؤلاء!!... دعونا وهؤلاء!!

دعونا وهؤلاء فقد أكثروا واكثروا!!

المصدر: طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 3,656

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً