مضايا...عنوان جديد للمأساة السورية

منذ 2016-01-09

إن صور الموت جوعًا في بلدة مضايا هي في الحقيقة عنوان جديد للمأساة المستمرة في سورية، والتي يتولى كبرها النظام النصيري وحليفه الرافضي، كما أنها تكشف عن حجم الخطر المحدق بالأمة من الفرق الباطنية النصيرية وأمثالها، والتي أكد علماء السلف أنها أشد على المسلمين من اليهود والنصارى.

كثيرة هي عناوين المأساة الإنسانية التي ما زالت تحدث في سورية، والتي يندى لها جبين البشرية، وتهون أمامها كل المآسي والمحن والكوارث الأخرى التي مرت بها البشرية، لكونها تحدث أمام سمع وبصر العالم الذي يزعم التحضر والرقي في القرن الحادي والعشرين، وخصوصًا فيما يتعلق بمجالات حماية حقوق الإنسان.

ومن يريد أن يحصي حجم المعاناة والكارثة الإنسانية التي تجري هناك فسيطول به المقام، فالقتل الذي تمارسه العصابة النصيرية والمليشيات الرافضية والهمجية الروسية ما زال مستمرًا بأشكال وطرق شتى لا يجمعها إلا البشاعة والتجرد عن الإنسانية، ولا تقابل إلا بصمت مطبق من المجتمع الدولي لا يقل بشاعة وتجردًا عن الإنسانية من الجريمة الأصلية.

والحقيقة أن قتل الناس جوعاً من خلال الحصار الخانق لم يعد الوسيلة الوحيدة للموت في سورية على يد هولاكو العصر، الذي مُنح الضوء الأخضر في استعمال ما يراه كافيًا لإجهاض ثورة الياسمين، فهناك الموت في أقبية السجون وزنازين التعذيب، وقد نشرت وسائل الإعلام منذ مدة بعضًا من تلك الصورة المخزية المفجعة عن الموت تحت التعذيب في زنازين الطاغية، بالإضافة للموت بالبراميل المتفجرة التي ما زالت تحصد أرواح المزيد من السوريين، ناهيك عن الموت حرقاً بالأسلحة الروسية الحديثة الفتاكة.

لم تكن صور الموت جوعًا القادمة هذه المرة من مدينة مضايا السورية، و التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.... هي الأولى من نوعها ضمن هذا الشكل من القتل البطيء الذي يمارسه النظام النصيري في سورية ضد الأبرياء من الأطفال والنساء في المدن والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة، فقد مات العشرات بل والمئات جوعًا في الجنوب السوري ومخيم اليرموك ومعضمية الشام وغوطة دمشق.... وغيرها من المناطق في سورية بعد أن منع عنهم طاغية الشام الطعام والغذاء.

وإذا كانت صور الموت جوعاً في مضايا تنطق عن مدى إجرام النظام السوري وحلفائه من جهة، فإنها من جهة أخرى تشير إلى مدى التواطؤ الدولي على استمرار هذه المأساة الإنسانية، دون أن يلوح في الأفق أي تحرك لإيقاف الطاغية عن إجرامه، فضلاً عن محاسبته أو معاقبته.

فعلى الرغم من مضي حوالي 6 أشهر على الحصار الخانق الذي يفرضه طاغية الشام وحزب اللات على بلدة مضايا السورية، وهو ما يهدد بموت حوالي 40 ألف إنسان جوعًا بسبب منع دخول أي مواد غذائية إليهم، ناهيك عن زرع الألغام حول البلدة لمنع خروج أي إنسان منها، إلا أن كل ذلك لم يدفع المجتمع الدولي للتحرك لفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية للبلدة.

المعلومات القليلة الواردة من البلدة تؤكد اضطرار الناس إلى أكل الحشائش ولحوم القطط والكلاب، واللجوء إلى القمامة والنفايات للبحث عن أي شيء يحفظ حياتهم وحياة أولادهم، لتأتي العاصفة الثلجية التي ضربت بعض المدن والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة السورية لتزيد من محنة ومعاناة ومأساة السكان هناك.

كما أن الأوضاع الإنسانية هناك وصلت إلى حد مفزع ومفجع، فلم تدخل للمنطقة إلا إغاثات الأمم المتحدة منذ شهرين و نصف، والتي لم تكف إلا 15يوماً، كما أن فرق الإغاثة العاملة هناك تؤكد أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية قد وصل إلى حد خيالي بسبب ندرة الطعام وما يحفظ الحياة، فمتوسط كيلو أي مادة غذائية بلغ 150 دولار أمريكي، كما بلغ سعر العلبة الصغيرة من حليب الأطفال إلى 300 دولار أمريكي قبل يومين.... وهو ما أدى إلى حدوث الكثير من حالات الإغماء بسبب الجوع الشديد.

حتى الآن أفاد ناشطون من داخل البلدة بوفاة سبعين شخصاً بسبب نقص التغذية والأدوية والمواد الطبية، ولا أحد يدري كم من السوريين يجب أن يموت حتى يتم الضغط على طاغية الشام للتخفيف من حدة الحصار، والسماح بدخول ما يحفظ حياة الناس هناك من الطعام والدواء وحليب الأطفال على الأقل.

لم يجد من سمع بهذه المأساة ممن لا زال فيه شيء من الفطرة الإنسانية السليمة سبيلاً للتعبير عن سخطه وغضبه من النظام العالمي الصامت عن هذه المأساة إلا التهكم والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتب بعضهم تحت وسم: #مضايا_تموت_جوعًا و#مضاياتستغيث و #انقذوا المحاصرين..... رسالة من مضايا إلى الأمم المتحدة: "دقوا ناقوس الخطر وأنقذوا القطط والكلاب في مضايا فقد بدأ أهلها (المجرمون) بأكلها!!"

إن صور الموت جوعًا في بلدة مضايا هي في الحقيقة عنوان جديد للمأساة المستمرة في سورية، والتي يتولى كبرها النظام النصيري وحليفه الرافضي، كما أنها تكشف عن حجم الخطر المحدق بالأمة من الفرق الباطنية النصيرية وأمثالها، والتي أكد علماء السلف أنها أشد على المسلمين من اليهود والنصارى.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار الضوء الأخضر الغربي الممنوح لهذه الفرق لقتل أهل السنة ومواصلة إجرامها بحق أبنائها، فإن ذلك ينبغي أن يدفع الدول السنية لإيجاد طريقة لمواجهة هذا الخطر الذي لن يقتصر على مضايا ومخيم اليرموك في سورية، ولا على مدينة تعز اليمنية، بل سيطال غيرها من المدن والبلدات السنية في العالم العربي والإسلامي. 

 

زياد الشامي

  • 0
  • 0
  • 4,113

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً