حول حصار مضايا

منذ 2016-01-12

الكلام في قضية الحرب على سوريا وما يتعلق بمضايا على سبيل الخصوص وأجناسها من البلدان المحاصرة وفيها جماعة أو طوائف أو بلدان من المسلمين. الكلام يجب النظر فيه من جهات

 الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:

الكلام في قضية الحرب على سوريا وما يتعلق بمضايا على سبيل الخصوص وأجناسها من البلدان المحاصرة وفيها جماعة أو طوائف أو بلدان من المسلمين. الكلام يجب النظر فيه من جهات:

الجهة الأولى: 
يجب أن يُعلم أن هذه حرب على الإسلام وليست حرب على مضايا أو فئة معينة وإنما حرب على الإسلام، ولكن الأدوات والأيدي المستخدمة في ذلك مختلفة، فربما يستعمل يد ضالة زائغة بعيدة عن الإسلام من طوائف الضلال من الداخل، وربما يكون اليد التي تستعمل يد خارجية كاليهود والنصارى.

لهذا يجب أن نعلم أننا إذا نظرنا إلى أزمات  المسلمين أو الأزمة السورية على سبيل الخصوص على أنها أزمة قُطر أو أزمة بلد أو أزمة عرق أن هذه النظرة هي جزء من الخلل في هذه القضية وفي معالجاتها، فإذا لم نعرف الداء لم نعرف الدواء، فيجب أن نعلم أن هذه القضية هي حرب على الإسلام والتآمر في ذلك هو تآمر عالمي ودولي، وأن مخاطبات المنظمات أو الهيئات أو الجمعيات أو غير ذلك من المنظمات الإنسانية بلغة إنسانية هو مخاطبة عدو من جهة الحقيقة لا مخاطبة صديق

لما حوصر  اليزيديّون أسقطوا عليهم الطعام بالطائرات، ولما وجد كثير من الكوارث لغير المسلمين يبادرون بإغاثتهم وإنقاذهم ولكن ما يتعلق بالمسلمين لا في سوريا ولا في العراق ولا في اليمن ولا في بورما وغيرها وكأن هؤلاء ليسوا من الجنس البشري. يجب أن نعلم أن القضية قضية حرب على الإسلام وليست قضية إنسانية بحتة أو قضية قُطر أو بلد لهذا يجب على المسلمين أن يتكاتفوا ويعرفوا العدو وإن اختلفت الأيدي في ذلك.

الجهة الثانية:
يجب أن نعلم أن المسلمين جسد واحد كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» [صحيح البخاري:2446] ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى شَيْئًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [صحيح مسلم:2586]،نعلم أن الأمة  ظلت مخدرة لعقود طويلة جدًا، لكنها بدأت تستيقظ من ضربات الآلام والمكر التي توالت عليها من داخلها ومن خارجها وإن شاء الله إنها في مرحلة استيقاظ.

من الأمور المهمة التي يجب أن تُعلم أن المسلمين إذا لم يقوموا بحل قضيتهم واستنفار جهودهم بما استطاعوا؛ لهذا يجب على المسلمين حكومات وشعوب وكذلك خاصة سواء كانوا رؤساء أو علماء أو أصحاب كلمة أو قول يجب عليهم  أن يقوموا بأمر الله  عز وجل ومخاطبة الناس.

النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا علم بقوم أو جاءه قومٌ جياع أو عراة أحمر وجهه صلى الله عليه وسلم وصعد المنبر وحث الناس للتبرع لهؤلاء وقد جاءت أحوال كثيرة من ذلك. لهذا نقول المسلمون في خير كثير ولديهم أموال عظيمة ونفقات فيجب عليهم أن يتبعوا الخطوات التي أمر الشارع بها:

أولًا: أن يُجمع لهؤلاء المسلمين بالتبرعات قدر الوسع والإمكان رسميًا وعلنيًا بإعلام، بأعيان، بمنظمات، بمؤسسات، قدر الوسع والإمكان، لأن هذه الكارثة وهذا الحصار الشديد الذي علا المسلمين في الشام ينبغي أن تُفك حوله جميع القيود، والله عز وجل قد رفع الحرج على الإنسان في أمورٍ قد حرمها عليه حتى في أكل الميتة والدم، فإذا اضطر الإنسان لها وخشي الهلاك فتزول الحواجز الشرعية لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم:  «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» [مجمع الزوائد:4/206]،ويقول صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [صحيح البخاري:2442]، فإن خذلان المسلمين في الشام؛ نوع من إسلامهم لعدو يستبيح حرماتهم جميعًا من دينٍ أو عرقٍ أو عقل ٍأو كذلك نفس أو غير ذلك مما حرمه الله عز وجل من حرمات المسلمين.

ثانيًا:ما يتعلق بالنفقة فإن الشريعة قد أجازت تعجيل الزكاة، فأنا استحث المسلمين عمومًا أن يعجلوا زكاة أموالهم لعامٍ أو عامين فإن هذا من الكوارث ويتأكد ذلك في مثل هذه النوازل وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس رضي الله عنه تعجيل زكاته لعامٍ أو عامين،فنقول لا حرج عليهم بل يستحب في مثل هذه الظروف أن يعجل الإنسان زكاة ماله.

وأيضًا يجب أن يُعلم أنه حتى لو لم يكن زكاة، ففي الأمة خيرات كثيرة ولديها نفقات عظيمة وأموال كثيرة سواء كانت حكومية أو كذلك أهلية، يجب عليهم أن ينفقوا وأن يقاسموا لقمة عيشهم ولباسهم لإخوانهم في الشام. لهذا يجب أن يكون الاستنفار في الواقع لا استنفارًا إعلاميا أو كلاميًا أو مجرد صرخات بحيث الإنسان يخرج نفثات الصدر ويغيّب الواجب عليه من جهة الحقيقة وهي؛ العمل.

ويجب علينا أن ندرك أن ما حل بالشام مع وجود الأسباب التي تؤهلهم للكفاية والغنى فأرضٌ خصبة وسماءٌ تمطر وأرضٌ تنبت وكفاية من الله عز وجل فأتاهم أنهار تجري من بين أيديهم ومن خلفهم ومع ذلك حل بهم ما حل، فالخذلان الذي جاء من المسلمين للشام يفوق الوصف لا حكومات ولا شعوب، فيجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل وأن لا يأمنوا من عقابه أن تدور الدائرة عليهم.

بلدان المسلمين تتأكل واحدةً تلو الأخرى أفغانستان .. بورما  .. العراق .. الشام .. اليمن يُؤكَل منها الأخضر واليابس والمسلمون ينظرون والسليم منهم ينظر للمريض وكأنه لا يعنيه ويذبحون كحال الشياة بيدِ جزارها واحدةً تلو الأخرى وكأن ذلك لا يعنيهم، والله عز وجل قد أعطى الإنسان عقلًا ولو لم يكن لديه شرع يميز به ما حل بالمسلمين فيجب عليه أن ينصر المسلمين يقول الله تعالى:  {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:72].

أسباب الخير الموجودة في الشام أعظم من الأسباب الموجودة في جزيرة العرب لا من جهة الأمطار ولا من جهة الأنهار ولا من جهة الأسباب المادية، ومع ذلك أنزل الله عز وجل فيهم ما أنزل فلا يأمن الإنسان في جزيرة العرب مكر الله فيجب عليه أن يدفع عقاب الله بامتثال أمر الله عز وجل والانتصار للمسلمين.

الكلمات تعجز الحقيقة عن أداء حق المسلمين في الشام ووصفه وتقدير الواجب في ذلك ولكن لعل في هذه الأحرف ما يسدُّ شيئًا من الواجب في ذلك ويكون إعذارًا عند الله عز وجل.

اللهم يا سامع الشكوى ومغيث الملهوفين يا لطيفًا بعباده يا خبيرًا بهم يا ذا القوة والبطش، ياصاحب القدرة والجبروت نسألك بكل اسم ٍهو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أن تنصر المسلمين في الشام عمومًا وفي مضايا خصوصًا، وأن تفك حصارهم وقيدهم، اللهم إنهم حفاةٌ فاحملهم وجياعٌ فأطعمهم اللهم إنهم ظمأى فاسقهم، اللهم فاغثهم غيثًا من عندك تفك به كربهم وتشد فيه من أزرهم وتقوي ضعفهم، اللهم عليك بمن باشر حصارهم ومن أعان على ذلك، ومن خذل وهو قادر يتماهى في إهلاكهم، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق نُصرةً للحق اللهم أيقظ أهل الغفلة من أهل الإسلام واجعلهم مبصرين بما يُحاك حولهم، اللهم انصر أهل الشام عمومًا بنصرك وأيدهم بتأيدك واجمع كلمتهم على الحق، واجعلهم قائمين بأمرك ممتثلين له مجتنبين نهيك آمنين من مكر عدوك، اللهم عليك بأعداء الملة والدين ممن كان داخل هذه الأمة وخارجها، اللهم زد المسلمين بهم بصيرة واجعلهم فيهم أهل يقينٍ بك وثقة بنصرك، اللهم اربط على قلوب إخواننا في الشام اللهم اربط على قلوبهم، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم ثبتهم بثباتٍ من عندك، اللهم لا تزغ قلوبهم وأمّنهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجمع كلمتهم على الحق وارفع راية الجهاد وأعلي كلمة الحق، وانصر من نصر الدين واكبت من حاربه إنك ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.



  

  • 22
  • 0
  • 12,656

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً