اسطنبول: الجمال ينتصر على الغدر بالسلطان أحمد

منذ 2016-01-15

خالص العزاء والمواساة لتركيا الكبيرة شعباً وقيادة وحضارة.

إن الصغائر مهما عظمت لا تنال من عزائم الكبار شيئا، والتفجيرات الإرهابية والأعمال الإجرامية لا تزيد الشعوب والأمم الحرة إلا صلابة وقوة، وإيماناً برسالتها، ويقيناً في صحة مسيرتها.

صناعة الغدر باستهداف الأبرياء العزل المسالمين إنما هو شأن النفوس التي أبت إلا أن تحيا تحت خط الانحطاط بعد أن قطنت القاع فلم تعد تخشى سقوطا.

التفجير الإجرامي الإرهابي الذي وقع بإسطنبول بمنطقة السلطان أحمد والذي استهدف في النفوس السائحة فيه الجمال وبديع الخيال؛ إنما يأتي في سياقه الطبيعي، في الصراع الدائر بين الذين يؤمنون بحق الإنسان في الحياة، ويعلون من قيمة الحرية والانسانية، ويبدعون في فقه التعايش، وفن التواصل بين الحضارات، والتعارف بين الثقافات، ونشر السلام والوئام، وبين الذين لم يعترفوا حتى الآن بالإنسان قبل أن يعترفوا بحقه في الحياة، ولم يعد في دهاليز نفوسهم للخير متسع، ولا لحرمة النفس المسالمة في حساباتهم مكان.

إن الذي يتلذذ بقتل الآلاف من الأطفال، والنساء، والعجائز، والعُزّل ببراميل الموت وآلات الحرب ليس في بناءه الفكري ولا في بنيته المعرفية ما يستقبل به حوار الإنسان مع أخيه الإنسان، القائم على وحدة الأصل والمنشأ والتكوين، والإستخلاف في الأرض للخير والنماء، والغاية من التنوع بين الشعوب والقبائل وهي التعارف والتواصل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]؛ وإعلاء القيم التي تحفظ للكون عماره وجماله ليستمتع بالحياة فيه سكانه.

خلاصة القول فيما حدث من هذا التفجير الإجرامي الإرهابي:

رب أمر تتقيه جرّ أمراً تشتهيه *** خفي المحبوب منه ظهر المكروه فيه

وليس هناك أمر أعظم ولا أحب من أن يجمع الله شمل أهل الخير والحق و الحب والسلام على قلب رجل واحد وتحت راية عادلة واحدة، تعرف وجهتها وغايتها نحو أهدافها الكبيرة، وتسير برؤية الكبار الذين لا يزيدهم جهل الصغار إلا حلما.

خالص العزاء والمواساة لتركيا الكبيرة شعباً وقيادة وحضارة.

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 5,297

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً