نفاق الغـرب يُعلن على مآذن سويسـرا !
حامد بن عبد الله العلي
قال تعالى : {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
( نديـن تفشى ظاهرة الخوف من الإسلام فى بريطانيا ، والغرب ،
وانتشار الصورة النمطية فى الإعلام عن الإسلام ، والمسلمين ، وربطها
دائما بالإرهاب ، والتخلُّف والبربرية ) رئيس لجنة ( الاسلاموفوبيا )
فى بريطانيا البروفيسور جوردن كونواى نائب رئيس جامعة ساسكسفي تقرير
للجنته نشـر مؤخرا .
مجـرد مثال : (ارتفعت نسبة جرائم الكراهية في بريطانيا ستمائة بالمائة في بريطانيا بسبب حضّ وسائل الإعلام الغربية على كراهية المسلمين) !
مجرد مثال آخر : ( المشكلة ليست التطرف. الإسلام هو المشكلة )، و(نحن
في حرب مع منظمة إرهابية تدعى الإسلام ) مذيع يدعى مايكل جراهام على
محطة أمريكية مؤخرا
مجرد مثال ثالـث : ( إبني اكتسب كراهية الإسلام من التلفزيون ) والدة
قاتل مروة الشربيني
ملأ الغرب الإمتداد الجغرافي للبلاد الإسلامية بالحروب ، وصدر إليه
الدمار ، وزرع فيه دوامة المشكلات ، ورعى السلطات الفاسدة لتحرم
الشعوب من اللَّحاق بركب العصر ، وتآمر عليه بكلِّ وسائل المكر
ثـم أطلـق علــى هذه الإمتـداد ( هلال الأزمات ) ، وهو الذي صنعها !
واحتـلَّ بلاد الإسلام من الجزائر إلى الفلبيـن ، واقترف فيها من
الجرائم مالـم يقترفـه محـتلِّ في التاريـخ ، وزرع فيها كيانا مسخا هو
الكيان الصهيوني ، إنتهك فيه كلِّ حقوق الإنسان ، وأتـى من الجرائـم
ما تشمئز منه نفوس البشـر ، ليبقى العالم الإسلامي في صراع لاينتهي
.
ثم أطلق على المسلمين بأنهم إرهابيون !
وسعى بكلِّ سبيل لمنع الحضارة الإسلامية من العودة إلى المنافسة
العالمية ، ولوأدهـا في عقر دارها ، وإطفـاء نورها .
فلمـَّا جاءت النتيجة أنَّ الإسلام بدأ ينتشر حتـى في الغرب ، ويعلو صوته ، وترتفع مناراته ، صدم الغرب صدمة عنيفة ، أفقدته توازنه ، فغدا يتخبـَّط ، ويتناقض مع نفسه ،
فبينا هو ينادي بالحريات العامـة ويتباهى بأنـَّه تميـَّز بتحريـر الإنسان ، يضيِّق على الحرية الدينية التي هي أكثر الحريات متَّسعـا في العالم ، ـ فحتـَّى في الصين وروسيـا لاتمُنــع مآذن المسلمين ـ فحظر الحجاب في فرنسا ، وهاهـو يحارب المآذن في سويسرا ، وتعلو فيه أصوات تقييد الحريات على المسلمين في أوربا بصورة عامة !
لقـد كان الغرب يطمع أن يذيب أبناء المسلمين الذيـنَ هاجروا إليـه ،
في ثقافته ، فيخرج جيـلا ذا سحنة عربية ، وأخلاق غربية ، يستعملهم
لتحطيم حضارة الإسلام.
مقتفيا نهـج نابليون في رسالته التي أمر فيها ببعــث 500 أو 600 من مصر إلى فرنسا ـ بعدما رجـع من احتلاله وأناب نائبه ـ : ( فإذا ما وصل هؤلاء إلى فرنسا يُحجـزون مدة سنة ، أو سنتين ، يشاهدون في أثنائها عظمة الأمـّة (الفرنسية) ، ويعتادون على تقاليدنا ، ولغتنـا، ولما يعودون إلى مصر يكون لنا منهم حـزبٌ يضم إلى غيرهم ) الأديب الكبير محمود شاكر ـ الطريق إلى ثقافتنـا
وذلك إنطلاقا من العقلية الغربية التي تؤمن بتفوقها العرقي العنصري ، منذ أن أطلـق المستشرق الفرنسي أرنيست رينان عام 1883م ، عبارته المشهورة :
( إنَّ من الضروري للروح "الآرية" العقلانية العلمية أن تقهر عقلية الإسلام "السامية" غير العقلانية ) !
لقد كان يطمع في تلك نتيجة ، فكان العكس تماما ، وأصبح الإسلام أسرع
إنتشارا في أوربا من كلِّ العالـم ، ورأى الغرب بأمِّ عينه ، أنه إذا
أعطي الناس حريـة الإختيار ، فلن يختاروا غير الإسلام ، وأنه ينتصـر
في أيِّ بيئة يكـون ، وفي كلِّ الظروف التي تحيط به ، ومهما كانت
التحديات التي تواجهـه .
إذ كان هو دين الله تعالى ، الذي يوافق الفطرة ، ويناغم العقـل ، ويطابـق أهـداف النفس السوية ، ويعايش الواقع بإنسجام تام .
تماما كما اعترف كاردينال بول بوبارد ، أحـد المقرّبيــن من البابا السابق : "إن الإسلام يشكل تحدياً مرعباً بالنسبة للغرب، ومشكلاً خطيراً بالنسبة للأمل المسيحي".
نعم لقـد عاد الغرب إلى عقلية القرون الوسطى ، وارتد القهقرى يسن
قوانين تحارب الحريـَّات ، وتقف بين الإنسان وما يختاره لنفسه !
لكن تعالـوْا أيها العقـلاء ، كيف نسيـنا أن أصحاب إعلان حقوق الإنسان ، والمواطن الفرنسي ، هم الذين قبل أن يجـف حبر الأوراق التي دونوا فيها إعلانهم الشهير ، قد عبئـوا الجيوش المدججة بالسلاح ، بقيادة قائدهـم نابليون ليحتلُّوا مصر ، ويستعبـدوا أهلها .
وكيف نسينا أنَّ الذين يتباهون بإبتكارهم شرعة حقوق الإنسان ، هم أنفسهم الذين ـ وفي نفس تلك الأعـوام ـ قـد سطـت دولهم على عالمنا فنهبـت ما فيه ، وعلى إفريقيا فسلبت ما تحتويه ، ولازالوا يتحكمـون في مصائـر شعوب العالم ، ويسرقون ثرواتهم !
غير أننا أيضا يجب أن نقول من باب الإنصاف أنَّ في الغرب مؤسسات تحترم الإسلام ، ومفكرين يعرفون قيمته ، ويعارضون محاربته ، وهـم ليسوا قلة ، بل كثرة وافرة ، وهم لحضارتنا أصدقـاء نعرف حقهم ، ونحفظ معروفهـم .
لكن تبقى الغطرسة المثيرة للإشمئـزاز ، المغلفـِّة بالنفـاق المفضـوح هي السمة الظاهرة للغرب.
وقـد قلت في مقالة سابقة : ( إنَّ دهشة الغرب المتقوقع على ذاته ،
المتغطرس بنفسه ، المزهّـو بأنه يملك وحـده حَّـق السيطرة على كلّ شيء
، إذ كان متقدما في التكنلوجيا ، مما جعله يرى نفسه مرجعية نهائية ،
ومعيارا يحكم علــى جميع الحضارات ، والظواهـر ، ويحولها إلى
(مستعملات) له ، من حقِّه أن يوظفها لأطماعه ، لأنـَّه الأقوى ،
والأجدر بالبقـاء أقوى في نهاية للتاريخ تحافظ على بقاءه الأقــوى
!
إنّ دهشـته من كسر الإسلام لهذه الغطرسـة ، هو الذي أحـدث في ضميره ،
ردَّة الفعـل العنيـفه التي يظهرها في صورة العنصرية المقيـتة ضد
المسلمين ، والعداء للحرية ، ولحقوق الإنسان اللذين طالمـا تبجّح بأنه
المدافع عنهما.
غيـر أننا على يقيـن ، بأنّ الإسلام رغـم كلّ هذه المحن ، سيمضـي شاقّـا طريقـه إلى القمَّـة ، حتى يبلغ أن يصنـع هـو بجلالـة تعاليمه ، وسـموّ قيمه ، نهاية التاريخ بقيادتـه للعالـم ، بإذن الله تعالى .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله :
( كما قال تعالى : {وإذا خلوا عضوا
عليكم الأنامل من الغيظ} وذلك أشد الغيظ والحنق قال الله تعالى
: {قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات
الصدور} أي مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ، ويغيظكم ذلك منهم
، فاعلموا أن الله متمُّ نعمته على عباده المؤمنين ، ومكمِّلُّ دينه ،
ومعلٍ كلمته ، ومظهرُّ دينه ، فموتوا أنتم بغيظكــم "إن الله عليم
بذات الصدور" أي هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم ، وتكنّه سرائركم من
البغضاء ، والحسد ، والغلّ للمؤمنين ، وهو مجازيكم عليه في الدنيا ،
بأن يريكم خلاف ما تؤملون ) .
والله أكبـر، ولله الحمد..
وهـو حسبنا ونعم الوكيـل نعم المولى ونعم النصيـر