لماذا لا نواجه أنفسنا ونتغلب على هزائمنا؟

منذ 2016-01-28

أشعر بأن هناك حالة نفسية منتشرة بيننا وهي حالة الهروب من مواجهة أخطائنا وإخفاقاتنا السياسية والاستراتيجية و أي من عوامل القصور في أنفسنا، تلك العوامل والأخطاء التي تسببت في حالة الهزيمة والهوان التي حلت بأغلب الحركات الإسلامية السنية وبالتالي تعيشها الأمة الإسلامية الآن.

و من هنا فكلما ذكر كاتب أحد أخطائنا نجد أننا ندافع وندفع النصيحة أو التقييم بدعوى الظروف الصعبة والضغوط والمؤامرات والخيانة والغدر، فإن رد علينا الناصح او كاتب التقييم بأن حزب الله و الحوثيين حققا نجاحات قالوا: هؤلاء شيعة وتساندهم إيران وهم عملاء لأمريكا وإسرائيل فإن قال لكن حماس وأردوغان نجحا رغم انهم ليسوا من الشيعة ولا عملاء ردوا: لا، هم متهاونون او متنازلون أو الأمرين معا.

وهكذا ندافع عن هزيمتنا وأخطائنا وكأنه لا أحد في العالم تحاك المؤامرات ضده غيرنا، ولا أحد مستهدف غيرنا، ولا أحد يمارس الصراع السياسي تحت الضغوط غيرنا، ونرفض أن ننتفع بدروس سياسية واستراتيجية من ما تفعله إيران وحزب الله لأنهم شيعة ومن حماس والجهاد الفلسطيني لأنهم متهاونون بالتعامل مع الشيعة وغيرهم، ونرفض التعلم من أردوغان لأنه متهاون وعميل لامريكا وإسرائيل وعلماني.

ونعزف عن دراسة ما فعلته وتفعله باكستان وماليزيا وكوريا و الصين أيضا بسبب خلافات الفكر والعقيدة، وكأن الدين يأمرنا بمثل هذه العزلة الغريبة، وكأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يسن لنا منهج المقارنة بشكل عام ومع المتفوق بشكل خاص والانفتاح على كل مفيد عندما قال: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ ، حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ» (رواه مسلم)، وعندما قال: «لَوْ أنَّ الدّينَ تَعَلَّقَ بالثُّرَيَّا لَنالَتْهُ رِجالٌ من أهْل فارِس» (رواه الترمذي)؛ وعندما أرسل مجموعة من صحابته صلى الله عليه وآله وسلم إلى جنوب بلاد الروم لتعلم صناعة المنجنيق وأمرهم أن يتعلموها كأهلها، وعندما أمر صحابيا بتعلم اللغة السريانية ليترجم له؛ وعندما أمر أسرى بدر بتعليم أطفال المسلمين الكتابة؛ وعندما قبل اقتراح سلمان الفارسي بحفر الخندق؛ وعندما استعان صلى الله عليه وآله وسلم في هجرته بمرشد وثني.. إلى غير ذلك مما يشهد ويثبت أن العلم والحكمة ضالة المؤمن.. لا أن نرفض العلم والحكمة بذرائع شتى، ونعجب بل نفتخر بفشلنا ونمجده شأننا في ذلك شأن كل ديكتاتور مستبد لا يقبل تغيير ولا تطوير ويتغنى بفشله وهزائمه زاعما أنها أمجاد وإنجازات.

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 5
  • 0
  • 1,597

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً