العلماء وقضايا الأمة
عبد الله بن محمد زُقَيْل
لا تجد في المعاجم الإسلامية ما يسمى برجال الدين، وإنما تسربت بواسطة
المذاهب المادية وخاصة العلمانية ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
إن للعلماء مكانةً عظيمةً في الأمة الإسلامية، فهم حملة الشريعة،
وورثة الرسالة، فالأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا
العلم، ومهمة العلماء في الإسلام تختلف عن رجال الدين في الأديان
الأخرى، لذلك من الخطأ أن يقال عن علماء الأمة (رجال الدين) قال الشيخ
بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية ( ص 280 ) : '' ولهذا لا تجد في
المعاجم الإسلامية ما يسمى برجال الدين، وإنما تسربت بواسطة المذاهب
المادية وخاصة العلمانية '' .ا.هـ .
والأمة الإسلامية عندما تنزل بها النوازل وتصابُ بالفتن المدلهمة فإن
الناس تَشْخَصُ أبصارهم وأفئدتهم إلى العلماء العاملين ينتظرون منهم
المواقف المشرفة، ولا شك أن انزواء العلماء عن أحداث الأمة يعطي
المجال للأصاغر والرويبضة للخوض فيها، بل قد تكون العواقب وخيمةً
.
ولقد سجل لنا التاريخ مواقف مشرفة لبعض العلماء غيرة على نبينا صلى
الله عليه وسلم ونصرة له عندما شُتم وطُعن فيه وكانت مواقفهم إما
بالإنكار على أرض الواقع أو بالإجابة على فتوى، ومن أشهرها موقف شيخ
الإسلام ابن تيمية من النصراني عساف الذي سب الرسول صلى الله عليه
وسلم، فوقعت محنة عظيمة، ضرب فيها شيخ الإسلام وسجن، فألف بسببها
كتابه العظيم : '' الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم
'' .
وهذ ا السبكي - رحمه الله - في '' السيف المسلول على من سب الرسول ''
يبين سبب تأليفه للكتاب فيقول : كان الداعي إليه أن فُتيا رفعت في
نصراني سب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم، فكتبت عليها : يقتل
النصراني المذكور كما قتل النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن الأشرف،
ويطهر الجناب الرفيع من ولوغ الكلب ... وليس لي قدرة أن أنتقم بيدي من
هذا الساب الملعون، والله يعلم أن قلبي كاره منكر، ولكن لا يكفي
الإنكار بالقلب ها هنا، فأجاهد بما أقدر عليه من اللسان والقلم، وأسأل
الله عدم المؤاخذة بما تقصر يدي عنه، وأن ينجيني كما أنجى الذين ينهون
عن السوء، إنه عفو غفور .ا.هـ
وهذا ابن عابدين في رسائله يقول عن شخص تطاول على النبي صلى الله عليه
وسلم : وإن كان لا يشفي صدري منه إلا إحراقه وقتله بالحسام .
فهذه بعض المواقف للعلماء المتقدمين ... وفي حادثة الإساءة للنبي صلى
الله عليه وسلم برزت مواقف رائعة للعلماء وطلاب العلم بل حتى العوام
والأطفال وكبار السن فقاموا قومة رجل واحد محبةً وغيرةً ونصرةً للنبي
صلى الله عليه وسلم، ولكن عكر صفوها ما تفرد به بعض إخواننا - عفا
الله عنهم - من دعوة إلى مؤتمر في أرض الدولة التي أساءت إلى نبينا
صلى الله عليه وسلم الدنمارك ولمَّا تقدم اعتذاراً أو تراجعاً عن
موقفها، وهو مؤتمر لم يُرجع فيه إلى العلماء، فكان صوتاً مخالفاً
لرأيهم، بل سبب فرقة في الآراء بين الناس، فليتهم استشاروا من هم أعلم
منهم وإنما شفاء العي السؤال، ولكن جاء خبر انعقاد مؤتمر نصرة النبي
صلى الله عليه وسلم في البحرين مفرحاً ومخففاً ولازلنا نطالب بتفعيل
مقاطعة الدانمارك وبضائعها حتى لحظتنا هذه..