صلة قضية الإمامة بالعقيدة

منذ 2016-02-15

ولذلك فموضوع الإمامة هذا من أدلة الترابط بين الحكام العقدية والفقهية، وإن كلاً منهما ملازم للآخر وقائم عليه، ولذلك فقد جعل الله عزوجل طاعة الأئمة والنصح لهم وعدم الخروج عليهم بغير مبرر شرعي من العبادة التي يثاب فاعلها، ويعاقب تاركها يوم القيامة.

الإسلام كلُ لا يتجزأ، أنزله الله عزوجل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وربط فيه بين الأحكام العملية ومسائل العقيدة، مثل الإيمان بالله واليوم الآخر والعقاب الأخروي الذي يلحق المخالف ونحو ذلك، وهذا واضح في كتاب الله عزوجل والأمثلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ} [النور:2].

وقال عن عقوبة السارق :{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:38]، وقال في الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ}.
والذي يهمنا في هذا الأمر هو ما يتعلق بموضوع الإمامة وهل هي من مواضيع العقيدة أم من مواضيع الفقه؟

والحق أن لها جوانب عقيدة، ولها جوانب فقهية، كما أن لها جوانب تاريخية، ولذلك فعلماء السلف رحمهم الله عند ذكرهم لعقائدهم يذكرون ذلك، فلا نكاد نجد أحداً ذكر عقيدته إلا وينص على التربيع بالخلفاء الأربعة، وأن ترتيبهم في الخلافة على ترتيبهم في الفضل، كما ينصون على أن الإمامة في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار، وينصون على الصلاة خلف كل إمام بر أو فاجر والجهاد والحج معه، وعلى تحريم الخروج على الأئمة، وعلى السمع والطاعة لهم في غير معصية، وهذه كلها من مباحث الإمامة، ولذلك نجد المتكلمين ينصون على باب الإمامة في أواخر كتبهم في العقيدة.

كما أنهم يوردون ذلك في مسائل العقيدة للرد على الانحرافات والبدع التي نشأت حول هذا الموضوع، كبدعة الروافض واعتقاداتهم الفاسدة في الإمامة، وانها من أركان الدين واعتقاد العصمة، والرجعة وعلم الغيب ونحو ذلك في أئمتهم، فيذكرها علماء السلف للرد عليهم، ولتبين مخالفتهم في ذلك، ومع بدعة الروافض بدعة الخوارج في وجوب الخروج على الأئمة الفسقة ونحو ذلك.

وكذلك مما يجعلها من المسائل المتعلقة بالعقيدة في العصر الحاضر هو إنكار بعض المنتسبين للدين أنها من الدين، وهذه من أخطر المسائل الفكرية المعاصرة.

أما الجوانب الفقهية في موضوع الإمامة فكثيرة، من ذلك شروط الأئمة، وكيفية اختيار إمام المسلمين، وأهل الحل والعقد، وشروطهم، وعددهم، والشورى وأحكامها، والبيعة واحكامها ونحو ذلك.

أما الجوانب التاريخية في الموضوع، فهو دراسة الموضوع من ناحية سيرة الخلفاء الراشدين، ثم من بعدهم رضوان الله عليهم، والأحداث التي حصلت في عهودهم، والنتائج والعبر والأحكام المستخلصة من ذلك.

ولذلك فموضوع الإمامة هذا من أدلة الترابط بين الحكام العقدية والفقهية، وإن كلاً منهما ملازم للآخر وقائم عليه، ولذلك فقد جعل الله عزوجل طاعة الأئمة والنصح لهم وعدم الخروج عليهم بغير مبرر شرعي من العبادة التي يثاب فاعلها، ويعاقب تاركها يوم القيامة.

المصدر: كتاب الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة بتصرف محمد المصري

عبد الله بن عمر الدميجي

عميد كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى

  • 3
  • 0
  • 7,457

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً