جورج حبيب بباوي

منذ 2010-01-07

خرج جورج حبيب بباوي من الكنيسة بعد أن كان مقدماً بينهم، فلم يخرج نقمة على وضع وظيفي أو حالة مادية، بل إن خروجه تسبب له في فقدان كثيرٍ مما كان في يده من حطام الدنيا..



الدكتور جورج حبيب بباوي (باحث معروف في الأوساط القبطية، وهو أحد تلاميذ مدرسة الأب متى المسكين، وقد كان مدرساً بالكلية الإكليريكية وقريبا من البابا شنودة حتى اختلفا في منتصف الثمانينات فترك مصر وذهب إلى لندن حيث قام بالتدريس في جامعتي توتنهام وكامبريدج وذلك قبل أن يسافر إلى أمريكا ويستقر هناك عميدا لمعهد الدراسات الأرثوذكسية هناك..) (1).

كان جورج بباوي من المقربين من القيادات الكنسية المصرية، والفاعلين في الأحداث الكبرى المتعلقة بالكنيسة إلى منتصف الثمانينيات كما يحكي هو (2)، ثم تبنى مواقفاً وآراءً معاديةً للكنيسة، حتى أنه جاهر بتكفير شنودة الثالث، ونُشر ذلك في مجلة (روزليوسف، فبراير 2007) على لسانه، وهنا أريد أن أسجل بعض الملاحظات المتعلقة بالدكتور جورج حبيب بباوي.

ـ خرج جورج حبيب بباوي من الكنيسة بعد أن كان مقدماً بينهم، فلم يخرج نقمة على وضع وظيفي أو حالة مادية، بل إن خروجه تسبب له في فقدان كثيرٍ مما كان في يده من حطام الدنيا، ولا يمكن اتهامه بأنه ذو ميولٍ إسلامية أو وطنية دفعته لهذا الموقف، بل منطلقاته دينية، وأهدافه دينية... يقف في عداواته على أرضيةٍ دينية ويتحدث بخطاب ديني أصولي، يتحدث بحديث الآباء الأولين والدارسين المتخصصين.


ـ لم يبتدئ الدكتور جورج حبيب بباوي خطاً جديداً معادياً للكنيسة، بمعنى أنه لم يكن كل المثقفين والمتقدمين في صف الكنيسة تحت لواء شنودة الثالث وخرج عليهم جورج حبيب بباوي وحده، لا، لم يكن الأمر كذلك بل إن حبيب بباوي التحق بخطٍ آخر عريض مناوئ لشنودة الثالث، وهو ما يمكن تسميته بـ تيار (مَتَّى المسكين)، أو مدرسة الأب (متى المسكين).

ـ (متى المسكين 1919م ـ 2006م) هو أستاذ شنودة الثالث وأبوه الروحي كما يقولون، فمن تحت عباءة (متى المسكين) خرج شنودة الثالث هذا، ولا يقف (متى المسكين) منفرداً، بمعنى أنه ليس شخصاً وحده، بل ظاهرة في الصف النصراني القبطي تأبت على التذويب.

ـ ظاهرة (متى المسكين) تنادي بالرجوع عن السياسة، تدعو شنودة الثالث ومن حوله إلى ترك السياسة والدخول ثانية للأديرة والكنائس، تدعوه للاقتصار على الدور الروحاني الذي كانت تمارسه الكنيسة من يوم ظهرت. وهذا ما يصرخ به جورج حبيب بباوي الآن، يقول: "مصر لا تحتمل زعامة دينية مسيحية"، ويقول : "لا توجد زعامة قبطية قادرة على حل مشاكل الأقباط"، وينادي بصوتٍ عالٍ على البطريرك القادم بأن عليه أن يلملم أفراده ويدخل ثانية للكنائس والأديرة، وأن يلزم خطى (متى المسكين) والسابقين الأولين من آباء الكنيسة، يصرخ بباوي عليهم بأن التجربة فاشلة.


ـ كان (متى المسكين) أحد من غامروا من أجل إخراج الكنيسة للحياة العامة، وكان رفيق درب لكل هؤلاء وأستاذ لجلهم، ثم تبين له خطأ ما كان عليه فعاد، وتتكلم التقارير بأن البطريرك السابق لشنودة حاول العودة قبل وفاته، وما استطاع!!

ـ نحن أمام ظاهرة عريضة داخل الصف القبطي ترفض التوجه الموجود الآن، هذه الظاهرة عريضة وهي الأصل، فشنودة الثالث ومن حوله هم الخارجون على الجماعة، وهم المخالفون لتعاليم الأولين على حد قول المنتقدين بباوي ومتى المسكين. بيد أنهم هم الغالبون، ولذا تراهم مسيطرون.

ـ مستوى الرفض يصل إلى حالة التكفير، وليس فقط مجرد الاعتراض المبني على المصالح والمفاسد؛ فشنودة يدعي هرطقة (3) (متى المسكين)، والدكتور جورج حبيب بباوي وهو أستاذ لاهوتي متخصص يدعي كُفر شنودة ويزكي (متى المسكين)، وقد نشر ذلك على الملأ وله دراسات في هذا الشأن أعرضها هنا إن شاء الله وقدر؛ فكل منهم يكفر الآخر، وهذا يعني أنه رفض تام، وأن الحالتين في أحسن الأحوال لا يكون ينهما أكثر من التعايش، وحين يتمكن أحدهم من الآخر فإنه يتم تصفيته، وهذا ما يحدث بالفعل. وقد ضرب الدكتور جورج حبيب بباوي أمثلة لمن تم تصفيتهم من قبل شنودة الثالث بعد انتهاء أزمته مع السادات في محاضرته الشهيرة (رسالة للبطريك القادم)، وهي منشورة في موقعه (موقع الدراسات اللاهوتية القبطية والأرثوذكسية)، ولم تكن التصفية ـ على حسب قول الدكتور بباوي ـ فقط للمخالفين كلية، بل للتائبين أيضاً لأنهم تابوا على يد هذا ولم يتوبوا على يد هذا، وضرب مثلا بـ (نظمي لوقا) و (موسى صبري)، فنحن أمام عقلية متشنجة لا تقبل أيَّ مخالفٍ لها من بني جلدتها إلا أن يكون على صورتها، مطابقاً لها في كل شيء.


ـ الحالة القبطية تتأزم، وتسير إلى عقبةٍ كأداءٍ لا يمكن تجاوزها، ولا أدري والحال هكذا لم يستعدي الأقباط المسلمين؟!

هل تستطيع هذه القلة المسيطرة على الكنيسة أن تسيطر على الداخل، وأن تنفذ ما يتفلت من لسانها على لسان كبار قساوستها، من طرد المسلمين، وإقامة (كنيسة الرب) في أرض مصر وما جاور مصر؟!

الأمر مستحيل، والعقلاء يعلمون ذلك، وينادون بأن الخطة فاشلة فارجعوا، وقد نادى (المسكين)، وبباوي وقد أخرجت كل ما في جعبتها وما استطاعت شيئاً.. لم تمش لبعيد ن فها هي أسهمها ترتد إليها، ويكثر عداها. إن جورج حبيب بباوي نذير لكم بين يدي شر لن تطيقوه فأجيبوه فقوله أصوب، وخاصة أنه في بلاد الغرب يرى ما لا ترون.


محمد بن جلال القصاص

مساء الجمعة

‏12‏/11‏/1430 هـ

‏30‏/10‏/2009 م


=====الهوامش =======

(1) هكذا جاء تعريفه في مقدمة مقاله الذي نشر في روز اليوسف والذي يكفر فيه شنودة الثالث.

(2) يشرف الدكتور بباوي على موقع (موقع الدرسات اللاهوتية القبطية والأرثوذكسية).

(3) الهرطقة كالزندقة والبدعة المكفرة عندنا، وهي لكل من جاء في الدين بما ليس منه.

  • 4
  • 1
  • 6,732
  • nada

      منذ
    الكنيسة ليست كالدولة وهى ان تدخلت فتتدخل فيما يخص اولادهالتحضهم على الصبر فى الشدائد و المصاعب التى قد يكون الظلم فيها واقع من الغير سواء ان كان من الدولة او من المسلمين وانت اعلم وادرى من ان تكتب هذا الموضوع الهزيل الذى اذا تحريت الدقة والضمير ستجد ان كل ما كتب افتراء وان الكنيسة لم تتدخل فى اى من شئوت الدولة ولكن مهمتها الاساسية فى الحفاظ على قيم الكنيسة والبعد عن ما هو من شائنة الحط من كرامة اولادها او معتقداتها التى ثبتت بما لا يدع مجال للشك او الحديث عن قوة ايمانها وحفاظها على تعاليم دينها ممثله فى ابائها اللذين ينوئون بها عن الطمع فى اشياء زهدوا فيها بل وتركو كل شئ متمسكين بالمحبة التى لا يشوبها اى ضغينة حتى فى اصعب الامور فتمسك بالمحبة واترك ما هو من شانة يعطيك مجد وقتى فالدنيا يا اخى لا تسوى جناح بعوضة
  • أبو عائشة

      منذ
    جزاك الله خيرا يا ابن القصاص والله لن يجتمعوا أبدا وان اجتمعت أجسادهم فان قلوبهم مختلفة .يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم ببعض ولو أرادوا الائتلاف فلا سبيل لهم الا بدعوة المسيح الحق ألا وهى الاسلام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً