المرجئة ودورهم الخبيث في تعطيل الجهاد (2-2)

منذ 2016-02-25

إن ضرر أهل الإرجاء على الأمة الإسلامية ليس بالأمر الهين فكم من مصلح مجاهد ظهر يدعو لإزالة الشرك وإقامة الشرع وقف أهل الإرجاء حجرة عثرة في طريق جهاده بعقيدتهم الفاسدة.

إن عقائد الإرجاء وسّعت دائرة الإيمان حتى أدخلت فيه أصنافاً كثيرة من الكفار والمرتدين، وبالتالي رفعت عنهم سيف الحق الذي أمر الله بإنزاله على رقابهم، فخربوا العباد والبلاد وطبقوا أصناف الكفر في ديار المسلمين باسم الإسلام حيناً وبغير اسمه أحياناً، وانخدعت جماهير الناس بفتاوى علماء الإرجاء، واعتقدت بعقيدتهم أو تأثرت بإيحائها فخلا الجو للملاحدة والزنادقة يشرعون الكفر للناس باسم الإصلاح والتقدمية والاشتراكية، ويعارضون نصوص القرآن والسنة وهم متسربلون بسربال الإيمان في نظر علماء الإرجاء وفي نظر الجماهير المتأثرة بهم ما دام أنهم يسمعونهم في بعض المرات يقولون لا إله إلا الله، وكان من نتائج هذا قوانين وضعية تبيح انتهاك الأعراض وإفساد العقول وتهلك الحرث والنسل، وما كان ليحدث في مجتمع مسلم يعرف حدود ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم لولا تغلغل عقائد الإرجاء فيه وذهاب عقيدة الجهاد من واقعه وانطماس معرفته بحقيقة الإيمان وحقيقة الكفر.

إنه ليس كل من قال لا إله إلا الله بلسانه لا يجوز جهاده كما يزعم بعض المرجئة بل أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على جهاد المرتدين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة مع قولهم لا إله إلا الله وإقامتهم للصلاة، ومع هذا قال الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة" [صحيح البخاري]، وقد ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنق رجل يشهد أن لا إله إلا الله ويظهر الإسلام لأنه لم يرض بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -في معرض استدلاله على كفر سب الرسول صلى الله عليه وسلم-: "الدليل الرابع على ذلك أيضاً قوله سبحانه {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا} [النساء:65] أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموه في الخصومات التي بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا من حكمه بل يسلموا لحكمه ظاهراً وباطناً، وقال قبل ذلك {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا} [النساء:60-61] فبين سبحانه أن من دعي الى التحاكم إلى كتاب الله والى رسوله فصد عن رسوله كان منافقاً وقال سبحانه: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ . وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ . أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور:47-51].

فبين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن وأن المؤمن هو الذي يقول سمعنا واطعنا فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره مع أن هذا ترك محض وقد يكون سببه قوة الشهوة فكيف بالتنقص والسب ونحوه" (الصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية).

إن ضرر أهل الإرجاء على الأمة الإسلامية ليس بالأمر الهين فكم من مصلح مجاهد ظهر يدعو لإزالة الشرك وإقامة الشرع وقف أهل الإرجاء حجرة عثرة في طريق جهاده بعقيدتهم الفاسدة.

 

علي بن نفيع العلياني

المصدر: كتاب أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية
  • 4
  • 2
  • 8,952

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً