الخيرُ كلّه
وخَيرٌ من ذاكَ الذي يُنازِلُ طَواحينَ الهواء.. والأفواه الجائعة والأَعيُن المُتَّسِعة تَرقُبه على مَبعَدةٍ تَنتَظِرُ الغَنيمة من يَدِ الفارِس الذي لا يَشقّ له غُبار..
وتَحسَبهُ على شَيء.. ذلك الذي وَضَعَ سَيفَه.. وتَرَجَّلَ من فَوقِ صَهوةِ جوادِه.. وأذاقَ الجُموعَ المُغَيَّبة مُرَّ الحَنظَلِ الذي يَجِد..
وأنزَل نَفسه التي بَلغَت في أنفُسِهم العلياء.. منزلتها الحَقّة.. وقال لهم بِلسانِ حَرفٍ وحالٍ مُبين.. لَستُ المُخَلِّص والبَطَل..
وإنما من بينِ أظهُرِكُم سَيَخرُج.. وإنما مَعرَكتي الآن.. لا سَيف فيها ولا جَواد.. والغَلَبةُ فيها لِمَن ألصَقَ وَجهه بالتُّراب مادة الخَلقِ وبوابةُ المآب..
وما كَلَّ ولا مَلَّ من طَرقِ الباب.. ولَزَمَ الأعتاب.. وأذَلّ تلك التي أَوحَت له بِسَرمَدية الوهم والسَّراب.. تلك هي معركتي..
وما أنا بِفارٍّ من الزَّحف.. وإن أهَلتُم فوق رأسي التُّراب.. وإن نعَتُّموني بأوصافِ الجُبنِ والجَهالة والخَور..
فَلَستُ أنا بِبدعٍ من الرِّجال.. ممن خَرَقوا قوانينَ القبيلة.. وقالوا في أنفسهم مقالة الرجال..
ولو كان بهم خَصاصة..! وإنّي لَبالِغٌ مُبتغاي.. ولو كان الثَّمَنُ حَتفي..
رُغماً عن أنف من تَنَقَّصَ واستنكَر.. والزّادُ من قَبل ومن بَعد..
في الاعتصام بمالك المُلك وبشارته.. {وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ} [الأحزاب:23].
- التصنيف:
- المصدر: