التدين.. الوجه الجديد لـ"باريس الجزائر"
واقع جديد راح يزيح مؤخرا المشهد التقليدي لمدينة "وهران" الجزائرية، والتي عرفت لعدة عقود بانتشار أماكن المعاصي؛ حيث أصبح "التدين" سمتا ملموسا في العديد من جوانب الحياة اليومية لأهلها.
مسجد العتيق في وهران
وهران (الجزائر) - واقع جديد راح يزيح مؤخرا المشهد
التقليدي لمدينة "وهران" الجزائرية، أو "بوتي باري" (باريس الصغيرة)،
كما يحلو للبعض تسميتها، والتي عرفت لعدة عقود بانتشار الملاهي
الليلية وبيوت الدعارة في عدد من أحيائها؛ حيث أصبح "التدين" سمتا
ملموسا في العديد من جوانب الحياة اليومية لأهلها.
وتتجلى مظاهر التدين في انتشار الحجاب بين الوهرانيات في شوارع وأزقة
"الباهية"، كما يسميها الجزائريون، على عكس السنوات الماضية، لدرجة
دفعت بعض بيوت الأزياء الإسلامية الشهيرة بالجزائر، مثل "ساجدة" إلى
افتتاح أفرع لمتاجرها بالمدينة.
الفضل في عودة الحجاب بكثافة إلى شوارع "وهران" يعود لمجهودات العديد من الوعاظ والدعاة، الذين تخطوا مرحلة الخطب والدروس إلى تجسيد دعوتهم بمشروعات عملية، كان أبرزها مشروع "الألف حجاب".
ويشرح الداعية الوهراني المعروف الشيخ الفيزازي بغدادي، فكرة
المشرع في تصريح لشبكة "إسلام أون لاين.نت" بقوله: إن "المشروع استهدف
جامعات ومعاهد المدينة، كما كان هناك برنامج للأحياء والمساكن
الجامعية، وحقق حتى الآن ثمارا طيبة؛ إذ أقبلت أزيد من 400 فتاة على
ارتداء الحجاب".
وتشهد مختلف الأحياء والمساكن الجامعية الخاصة بالطالبات، وفقا
لمراسلنا، نشاطات دينية مكثفة، تتمثل في عرض دروس ومحاضرات لدعاة
مشهورين من أنحاء العالم الإسلامي وأفلام دينية، فضلا عن دروس دورية
لبعض الدعاة المعروفين بالمدينة، تتخللها نشاطات ترفيهية تؤيدها فرق
إنشادية ومسرحية.
خيم الدعوة
وفي ملمح آخر للتدين بـ"وهران" تحولت خيم العزاء التي تحرص
الأسر الوهرانية باختلاف مستوياتها الاقتصادية منذ القدم على إقامتها
في حالات الوفاة، إلى مقصد للعديد من الدعاة الذين أصبحوا يحرصون على
إلقاء مواعظهم في مثل هذه المناسبات.
ويعتقد الدعاة أن هذه الظروف ملائمة لتحريك القلوب "الجامدة"، وخاصة قلوب الشباب، الذين يتعاطى عدد غير قليل منهم المخدرات وينخرط في عالم الجريمة؛ إذ تسجل وهران أعلى مستويات الجريمة والانحراف مقارنة بباقي ولايات الجزائر.
وعلى رأس الدعاة الذين حولوا تلك "الخيم" إلى منابر دعوية، الشيخ بغدادي، صاحب المواعظ القوية التي جعلت العديد من الشباب يغادر عالم الرذيلة والمعصية بلا رجعة، وكذلك مطرب "الراي" المعتزل "الشاب جلول"، الذي أصبح داعية مرافقا لبغدادي.
وعادة ما يلجأ الدعاة إلى مكبرات الصوت؛ حتى لا تحرم النسوة المتواجدات في البيوت من سماع المواعظ.
إقبال على المساجد
الإقبال المتزايد على المساجد صار ملمحا آخر للتدين في
وهران؛ حيث تفيض العديد من بيوت الله بروادها، لدرجة أن المصلين كثيرا
ما يفترشون الشوارع المحيطة بها لتأدية الفريضة.
ولا يقتصر هذا الإقبال على صلاة الجمعة فحسب، وإنما على سائر الصلوات، بما فيها الفجر، التي لا تتأخر عنها حتى النسوة.
بالتوازي مع هذا الإقبال، كثف الدعاة والوعاظ من دروسهم في مساجد المدينة؛ مما شكل فرصة لدعوة الشباب إلى الابتعاد عن أماكن الفساد واللهو، والتحذير من الأفكار المتطرفة.
وأتت تلك الجهود الدعوية ببعض ثمارها؛ حيث أقلع كثير من المدمنين، الذين يجدون عناية خاصة من قبل الدعاة، عن تعاطي المخدرات.
"الراي" يتلاشى
واشتهرت "وهران" منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي بانتشار
أغاني "الراي" في أوساط الشباب، علي يد العديد من المطربين، مثل الشاب
خالد والشاب مامي.
لكن هذا الرواج بدأ يتلاشى جراء موجة التدين التي تعم المدينة، وهو ما بدا واضحا في إعلان "جلول" توبته واعتزال "الراي".
وأعطى ذلك إشارات قوية على أن "الراي" لم يعد يستهوي الكثيرين، لدرجة أن شركة "سان هاوس"، أكبر منتج لأشرطة "الراي" بالجزائر، أنتجت أشرطة كاسيت الإنشاد التي أصدرها "جلول" بعد توبته.
- التصنيف:
فريدة
منذ