كيف تنجح في دعوتك إلى الله؟
إن على الداعية أن يتجنب الغلظة في أسلوب دعوته، فحاله معهم كحال الطبيب مع مريضه، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا مناص من الرفق بالمدعو والتدرج معه حتى لا ينفر منك، فأنت بين مفسدة ومصلحة تقدرهما بحسب خبرتك
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].
الدعوة إلى الله تعالى عمل جليل وشريف، وهي مهمة الأنبياء والمرسلين أُمِرُوا بها، وقاموا بما كلفوا به أحسن قيام؛ ثم تابع مسيرتهم أهل العلم والعمل والتقوى من أتباعهم، وهي إعلاء لمقام الدعاة، وعز لهم حيث يبلغون رسالات ربهم إلى الناس ونحن المسلمين نقوم بهذا الواجب؛ لأننا ورثنا ميراث الأنبياء جميعًا، حيث رسولنا خاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات. {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف:44]. وإن من لم تصله دعوة الله تعالى يتحمل مسؤوليتها المسلمون جميعًا حتى يقوم فريق منهم بها.
ولقد كتب الكثيرون في حقل الدعوة إلى الله مبينين وظيفة الداعية ومهمته، وما ينبغي أن يتحلى به من جميل الصفات وحسن المعاملة، كما أوضحوا ما الذي يجب أن يكون عليه من العلم والاطلاع.
وإذا استعرضنا كتاب الله تعالى، وتاريخ الدعوة إلى الله، ومنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، و(تاريخ الأنبياء والمرسلين وعلاقاتهم مع أقوامهم) لتبين لنا أن كتاب الله أوضح لنا صفات من يُعرِضُون عن هدى الله جل في علاه. إن أهمها: الكبر، والظلم والجهل، والفسوق والطغيان والترف!! وحب الرياسة......إلخ
وفي هذا السياق فإني لن أخوض في تلك المسائل، ولكني أحب أن أركز على بعض الأبواب التي بها يستطيع الداعية أن يدخل إلى قلوب الناس، ويؤثر فيهم بإذن الله تعالى، أو بيان بعض أبواب نجاح الداعية:
أولًا: ينبغي أن يسعى الداعية قبل أن يدعو من يدعو إلى أن يزرع الثقة بينه وبينهم؛ وذلك يتم إذا أحسوا منه الصدق والاستقامة، وأنه لا يطلب أجرًا منهم على عمله. فإذا وثقوا به سعى إلى الخطوة الأخرى. وهي: أن يوثق عرى محبتهم له فالإنسان لا يقبل النصح إلا ممن يحب ولذلك قال مشركو مكة: ما رأينا أحدًا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدًا.
إن على الداعية أن يزهد بما في أيدي المدعوين وغيرهم « » (رواه ابن ماجه، وابن حبان، والبيهقي في الشعب، وغيرهم، وحسنة النووي، وحسنه الألباني). فالزهد في الدنيا وهي بين يديك يشعر الآخرين أنك صادق في دعوتك.
إن على الداعية أن يتجنب الغلظة في أسلوب دعوته، فحاله معهم كحال الطبيب مع مريضه، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا مناص من الرفق بالمدعو والتدرج معه حتى لا ينفر منك، فأنت بين مفسدة ومصلحة تقدرهما بحسب خبرتك {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125]. وعلى الداعية أن يعلم أن إنكار المنكر له درجات يتعلق بالقاعدة السابقة تقدير المفسدة والمصلحة ثم تقدير ما يترتب عليه إنكار هذا المنكر، والتفريق بين درجات المنكرات وطبيعتها، وهذا يتطلب من الداعية معرفة فقه الأولويات والموازنات.
ومن أبواب نجاح الداعية: اهتمام الداعية الزائد بأحوال المدعو، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية، والسعي الحثيث ليكون قريبا منه يشعره أنه كهف منعش له، وحِجْرٌ دافئ إذا أوى إليه. فلقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها.
الحديث في هذا يطول، ولعل الله أن يوفقني للزيادة فيه، أو التفصيل بما أوردته، وأن يفتح علي أبوابًا أخرى أتطرق إليها، ولا ريب أني لم أستوف الموضوع حقه.
مالك فيصل الدندشي
أبو عبد العزيز
منذ