المأتم العالمي للمرأة
هي المرأة اليتيمة بفقد والدها.. والثكلى بفقد ولدها.. والأيّم بفقد زوجها.. والعائلة بفقد عائلها.. والضالة بفقد هاديها ومعلمها.. والخائفة بفقد حاميها.. والمبتذلة بفقد محرمها.. من حق المرأة أن تختار لها يوما يكون: المأتم العالمي للمرأة
غدا اليوم العالمي للمرأة، ويسميه بعضهم عيد المرأة..
والأكيد أنهم يقصدون بها فقط المرأة العاملة، ولذلك يعطونها يوما أو نصف يوم عطلة مدفوعة الأجر.. وهي المرأة التي أخرجوها من بيتها، وزجُّوا بها في غياهب الاختلاط..
أخرجوها من مملكتها وألقوا بها في معتقلات الراتب والزميل والمدير والسكرتير!
أخرجوها من أنوثتها وألقوا بها في برمة رجولة لم تُخلق لها، فلا هي ذكر ولا أنثى!!
أخرجوها من عِفتها وألقَوْا بها في مهاوي الرذيلة!
ألقوْا بها في اللهب وقالوا لها: إياكِ إياكِ أن تحترقي بالنار..
كلّ ما أعطَوْا للمرأة من مظاهر الحرية لا يعدو أن يكون كمثل مصاصة الأطفال التي تُعطى لهم للتلهية، لتقضي أمُّه شأنها أو تستريح منه... ثم لا يبتلع من مصِّها قطرة حليب ولا دفئا صادقا من حبيب..
غدا يوم المرأة ويقال عيد المرأة، وإن المرأة في عيدها تستحق هدية كبرى، تقديرا لمنزلتها في المجتمع، بل حُسبانا لإحاطتها بالرجل، فهي خلفه أمّ، وأمامه زوجة، وعلى صدره بنت وعن يمينها أخت وعن يساره خالة وعمَّة.. وفي بعض البلاد فوقه رئيسة!!!!
أعظم هدية تُقدم لهذه المرأة في عيدها هذا أن تُعاد لها أنوثتها.. أكبر هدية تُهدى لها أن تُستعاد لها فطرتها التي فطرها الله عليها، وأن تُحرر من ترجُّلها وتُستتاب من لعنتها بإعطائها صفات الرجل ووظائفه: فعن ابن عباس، قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء» قال: فقلت: ما المترجلات من النساء؟ قال: «المتشبهات من النساء بالرجال»(أحمد في المسند، برقم:[ 2006] وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط البخاري)، وقد قيل لعائشة رضي الله عنها: إن امرأة تلبس النعل، فقالت: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَةَ من النساء»(أبو داود في سننه، برقم: [4099]).. هذا إذا لببست نعله، فكيف إذا لبست رجولته وتقمّصت شخصية..
أكبر هدية لها أن يُعطى لها سكنٌ تسكنُ فيه وزوجٌ تسكن إليه.. بل أن تُسَكَّن الحروب التي تأكل لها زوجَها وابنَها وأبيها ومعلمَها وأخاها وحماها.. يعطونها كعكة في عيدها ويقتلون رجُلَها.. فيُشرِّدونها، بل ويبيعونها سِلعا من السلع ومتاعا من المتاع..
هي المرأة اليتيمة بفقد والدها.. والثكلى بفقد ولدها.. والأيّم بفقد زوجها.. والعائلة بفقد عائلها.. والضالة بفقد هاديها ومعلمها.. والخائفة بفقد حاميها.. والمبتذلة بفقد محرمها، والرَّجُلة بفقد أنوثتها..
من حق المرأة أن تختار لها يوما يكون: المأتم العالمي للمرأة؛ تبكي على فواجعها هذه كلها، وتندب حظها فيها... حتى يعودون فتعود...
7/ 3/ 2016
أبو محمد بن عبد الله
باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.
- التصنيف:
- المصدر: