سجون النساء في العراق.. أهوال وانحرافات
ملفات متنوعة
أما سجون النساء في وزارة الداخلية، فأشهرها سجن الكاظمية الذي يضم
أكثر من 200 سجينة، بينهن صغيرات في السن يصل عددهن إلى ثلاثين..
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
كتبت سارة علي (بغداد) : بتاريخ 18 - 2 - 2009 م
لا يخفى على أحد الوضع الأمني المتأزم بالعراق، والذي انعكس على
الكثير من مرافق الحياة، ففي الوقت الذي يتفاخر فيه العالم بكثرة
المستشفيات، والجامعات، والمرافق الخدمية والاجتماعية، يتفاخر مسئولو
وزارة العدل ببناء سجون حديثة!
وقد ذهبت قبل حوالي ثلاث سنوات إلى وزارة العدل العراقية لإجراء بعض الحوارات، وإلقاء الضوء على نشاطات الوزارة، وطلبت من أحدهم أن يزودني بآخر أخبارهم، ونشاطهم، وحقوق الإنسان في العراق، ففوجئت بالمسئول يُحَدِّثُني عن بناء سجون جديدة في بغداد والمحافظات الأخرى!
فلم أتمالك نفسي، ورغم أني لست من المؤيدين لنظام صدام السابق، إلا
أني قلت لهذا الشخص المسئول: كنتم تعيبون على نظام صدام كثرة السجون،
وأقبية النظام لحجز العراقيين وتعذيبهم، وكنت أظنك ستخبرني عن تبيض
السجون، وإطلاق الحريات في العراق، وإذا بك تحدثني عن بناء سجون
جديدة؟!
والأدهى من ذلك تفاخره بحداثة السجون، وتوفر مستلزمات صحية جديدة!
فخرجت يومها من وزارة العدل ولم أعد أبدًا لعمل أي حوار مع أي مسئول فيها؛ لأني أدركت ببساطة أن العدل مفقود في بلدٍ خاضتْ به قدم المحتل وأعوانه، وعاثوا في البلاد الفساد.
ومن أهم ما طرحته ثقافة الديمقراطية الأمريكية هو ابتكار سجون
جديدة للنساء، ووسائل جديدة لانتزاع الاعترافات من النساء الموجودات
في تلك المعتقلات! وهناك أنواع من السجون الخاصة بالنساء، منها السجون
الأمريكية، والسجون التابعة لوزارة الداخلية، مع وجود أقبيةٍ وسجونٍ
سِرِّيَّةٍ تابعةٍ لوزارة الداخلية العراقية، ولبعض المسئولين
والمتنفذين في دولة العراق اليوم!
وإذا أردنا أن نتحدث عن السجون الأمريكية للنساء في العراق فهي
كثيرةٌ، ابتداءً من سجن بوكا، وكروكر، وسجن المطار، وسجن أبو غريب سيئ
الصيت، والذي يعتبر أفضلهم حالًا! إضافةً إلى سجون كثيرة غيرها
.
وزيرة حقوق الإنسان في حكومة المالكي وجدان سالم ميخائيل تقول: إن عدد النساء المعتقلات في السجون الحكومية وسجون الاحتلال الأمريكية يبلغ حاليا 447 امرأةً موزعةً بواقع 11 امرأة في سجون الاحتلال الأمريكية، و436 امرأة في السجون والمعتقلات الحكومية.
وهذه الإحصائية بالتأكيد ليست هي الإحصائية الصحيحة؛ لأن ما يجري في العراق من اختطاف واعتقال وقتل يتعدى هذا الرقم بكثير، ومما يؤكد ذلك قول وزيرة الدولة لشئون المرأة؛ الدكتورة نوال السامرائي؛ حيث قالت: إن الكثير من النساء العراقيات اللائي تم اعتقالهن من قِبَلِ قوات الاحتلال الأميركي، أو من طرف الأجهزة الحكومية من وزارتي الدفاع والداخلية قد اختفين!
وقالت: إن أخريات تم اعتقالهن أثناء مداهمات نفذتها مجاميع ترتدي ملابس الأجهزة الأمنية وتستخدم سياراتها، كما أن المليشيات والعصابات الإجرامية شاركت على نطاق واسع في اختطاف النساء، وتغييب أعدادٍ كبيرةٍ منهن.
وتؤكد الوزيرة صعوبةَ الوصول إلى إحصائية دقيقة عن عدد النساء
اللائي تم اعتقالهن أو اختطافهن؛ إذْ تمتنع بعض العوائل عن الإبلاغ عن
اختطاف النساء لأسباب اجتماعية معروفة.
وتقول الوزيرة: إن معاناة المرأة المعتقلة تبدأ عند وضعها في بداية الاعتقال داخل المحاجر, أي السجن الانفرادي؛ حيث تبقى هناك تعاني من العزلة والوحدة والتعذيب, ويحصل ذات الشيء في المعتقلات الحكومية.
كما تؤكد السامرائي تَعَرُّضَ المعتقلات العراقيات للاعتداء والتعذيب في سجون الاحتلال الأميركي، أو سجون الحكومة العراقية.
ومن جانبها جمعتْ وكالة الأنباء الفرنسية، وبعد فترة من الاحتلال
الأمريكي للعراق، شهاداتٍ نَقْلًا عن سجينات ومنظمات غير حكومية،
أكَّدَتْ كلها على أن السجينات العراقيات في سجن أبو غريب قد
تَعَرَّضْنَ إلى عمليات اغتصاب وإذلال متنوعة، وكيف أن سيدة عراقية تم
اغتصابها من قِبَل الجنود الأمريكان أمام زوجها المعتقل، مما دفعها
إلى الانتحار بعد الخروج من السجن! في حين يؤكد سجينٌ سابِقٌ أُطْلِقَ
سراحه من أبو غريب أن السجينات كُنَّ يَعْبُرْنَ أمام خيمة الرجال،
ويتوَسَّلْنَ السجناءَ من الرجال أن يجدوا طريقةً لقتلهن لإنقاذهن من
العار.
التقارير الخاصة لمنظمات الأمم المتحدة تُؤَكِّدُ على أن 52% من النساء العراقيات مُعَرَّضَاتٌ للتهديد والعنف على أيدي قوات الاحتلال، وهو ما أكَّدَتْهُ بدورها منظمة الصليب الأحمر الدولية في تقاريرها؛ حيث رصدتْ مثل هذه الانتهاكات.
كما تحدثت تقارير دولية عن تعَرُّضِ أكثر من(400) امرأة عراقية إلى
الخطف، بِمُعَدَّلِ (5- 10) أسبوعيا، وقد تعَرَّض معظمهن إلى
الاغتصاب، واتهمت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، القواتِ
الأمريكيةَ والبريطانيةَ باغتصاب العشرات من نساء وأطفال العراق
.
سجون وزارة الداخلية
أما سجون النساء في وزارة الداخلية، فأشهرها سجن الكاظمية الذي يضم أكثر من 200 سجينة، بينهن صغيرات في السن يصل عددهن إلى ثلاثين.
وتؤكد بعض البرلمانيات العراقيات ممن قمن بزيارة لهذا السجن، ومنهم النائبة أمل القاضي، وأزهار السامرائي، أنهن وجدن السجينات القاصرات، والسجينات الكبيرات في العمر، كلهن في زنزانة واحدة، والأصل أنه لابد من عزلهن بعضهن عن البعض الآخر.
وأكدتا على أن الكثير من الإفادات والاعتراف تُؤْخَذُ من السجينات تحت وقع التعذيب، والكثير منهن تم اغتصابهن، إلا إن السجينات لا يُقَدِّمْن أي شكوى، خوفًا من عاقبة ذلك.
وقد شكى كثير من السجينات أنهن لم يرين أطفالهن من سنوات، إما لتواجد أطفالهن في الدور الاجتماعية التابعة للدولة، أو لأن آباء الأطفال لا يسمحون للأطفال بزيارة الأمهات، وتشتد المحنة في أولئك اللائي اعتقلن وهن حوامل، إضافةً إلى عدم وجود برامج إصلاحية في هذا السجن أو غيره من سجون وزارة الداخلية، سواء للنساء أم للرجال!
ممارسات منحرفة..!!
ومن جانبها أكدت الباحثة الاجتماعية رافدة شلال على حصول الكثير من الممارسات اللاأخلاقية بحق السجينات، وأن ضُبَّاط التحقيق استخدموا مختلِفَ الوسائل الدنيئة بحقهن، والأخطر من ذلك أن بعض ضباط التحقيق قد شكلوا فرقةً من السماسرة من خارج السجن؛ للقيام بإغراء السجينات عبر سياسة الترغيب والترهيب، ونقلهن إلى خارج السجن لممارسة الرذيلة من قِبَلِ أشخاص لهم علاقات مع هؤلاء السماسرة وضباط التحقيق، من أجل الحصول على موارد مالية نتيجة ممارسة الرذيلة!
الوَضْعُ المزري في سجن الكاظمية وغيره من السجون دَفَعَ نائب رئيس
جمهورية العراق طارق الهاشمي، إلى التأكيد على أن ما وجده من سجينات
مغبونات، وما يتعرضن له من العنف بسبب التقاليد أو أسباب أخرى، كان
وراء المطالبة بقانون العفو العام، مُؤَكِّدًا على الإسراع
بالإجراءات، من خلال الإيعاز لفريق من المحامين من أجل متابعة عمليات
التحقيق، والإفراج عن الكثير منهن، حتى قبل صدور القانون, ورغم مرور
سنةٍ على صدور قانون العفو العام، إلا أن هذا القانون -كغيره- مجرد
حبر على ورق إلى الآن!