العمل التطوعي والطرارة !!
ملفات متنوعة
.. ويمكن استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية
والسلوكية لبعض المدمنين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.
- التصنيفات: الحث على الطاعات -
فعلى سبيل المثال لا الحصر، بلغ عدد المتطوعين الراشدين الذين أعمارهم فوق 21 سنة في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2001م 3.9 ملايين متطوع أنجزوا 15.5 بليون ساعة عمل، تقدر قيمة الساعة الواحدة بـ16.54$، أي ما يعادل 256.37 بليون دولار.
أما في عالمنا العربي والإسلامي، فإن نظرة الكثيرين للعمل التطوعي الخيري ومؤسساته لا تتعدى كونها نوعاً من الاستجداء (الطرارة) وهذه النظرة لها انعكاساتها السلبية على تقييم الخدمات التي تقدمها المؤسسات الخيرية والتطوعية وتقديرها، ولهذا لا بد من تغيير نظرة الناس إلى العمل التطوعي باعتباره خدمة تقدمها الهيئات للمتبرعين متحملة مسؤولية وضع التبرعات حيث ينبغي أن توضع.
ومما يلفت النظر هو التدني في فاعلية التطوع في معظم المجتمعات العربية من المحيط إلى الخليج، يأتي في وقت هي أشد ما تكون حاجة إلى تنشيط كافة فاعلية العمل الأهلي، وذلك لأسباب تعود إلى طبيعة التحولات الاقتصادية والسياسية التي بها من جهة، ونظراً لصعود موجة الاهتمام العالمي لما يسمى القطاع الثالث أو اللاربحي من جهة أخرى.
فمن الملاحظ أن معظم الجمعيات الخيرية يوجد لديها متطوعون، ولكن بأعداد محدودة، والبعض الآخر لا يوجد بها متطوعون على الإطلاق، ولا تعطي للتطوع فيها أهمية تذكر، لوجود قناعة لدى بعض المسؤولين في الجهات الخيرية بعدم جدوى استقطاب المتطوعين نظراً لعدم الثقة بهم، أو نظراً لكون الجمعية ليست بحاجة لخدماتهم بحيث إن إيراداتها تغطي احتياجاتها وبرامجها، وربما خوفهم من عدم التزام المتطوعين بالأعمال التي تسند إليهم، مما أدى إلى الاعتماد الكامل على الموظفين الرسميين بها، بينما يظن بعض العاملين الرسمين أن هناك تهديداً لأعمالهم ومكانتهم الوظيفية، لذلك لم يكونوا متحمسين أصلاً لفكرة جذب المتطوعين!
فيجب على الجمعيات الخيرية إعادة النظر في مصروفاتها على القوى العاملة فيها بحيث لا تتعدى النسب المعقولة لا سيما أن المتطوعين يمكنهم سد النقص الموجود في القوى البشرية بها، وبالتالي فإن تلك المبالغ المخصصة للقوى العاملة يمكن الاستفادة منها، وصرفها لدعم المزيد من البرامج والتوسع في الخدمات وتقديمها للمستفيدين بالمستوى اللائق خصوصاً الذين هم في قائمة الانتظار مما يكفل تحقيقها للأهداف التي وجدت من أجلها.
إن تفعيل التطوع في مجتمعنا يعتبر ضرورة حضارية؛ ذلك لكي تتمكن الأمة من الإسهام بفاعلية في بناء وصوغ الخطاب العالمي حول ثقافة التطوع؛ إذ من غير اللائق - حضارياً - ألا يكون لهذه الأمة إسهام بارز في هذا المجال، وهي تمتلك تراثاً غنياً بالقيم والمبادئ والأخلاقيات التي يمكن أن تستفيد منها البشرية، وهي في حاجة فعلية إلى مثلها.
ومن هذا المنطلق علينا أن نسعى جاهدين لاستقطاب المتطوعين وذلك بزيادة معرفة المواطنين بأهمية العمل التطوعي ودوره في خدمة المجتمع، والأجر المترتب على ذلك، ودعم وترسيخ مفهومه لدى الأجيال الناشئة عن طريق برنامج متطوع المستقبل، لكي يساهم من خلال المدارس والمؤسسات التربوية على نشر هذه القيمة الإيجابية، وأن تضم البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات الدراسية وخصوصاً لدى تخصصات العلوم الاجتماعية التي تركز على العمل الاجتماعي التطوعي ودوره التنموي ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية، مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب، وعرض الجهود المبذولة من قبل الأعداء وأصحاب المبادئ المنحرفة في نصرة باطلهم، فعلى سبيل المثال في الكيان اليهودي يوجد أكثر من 35000 منظمة غير ربحية، وهي تفوق منظمات العالم العربي والإسلامي وجمعياته مجتمعين!!!، كما يتضمن العرض تلك الأساليب الملتوية من استغلال الجهل والمرض والفقر في سبيل نشر باطلهم، فمثل هذا العرض سوف يشعل الغيرة والحمية عند المسلم، ويدرك مدى تقصيره في مساعدة إخوانه في العقيدة، وبالتالي ينعكس إيجابياً على انخراطه في الأعمال التطوعية.
ويمكن استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية والسلوكية لبعض المدمنين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.
ومما يعزز رفعة العمل التطوعي، هو اعتراف وزارة الخدمة المدنية بشهادات المتطوعين، وجعلها أحد بنود المفاضلة في التوظيف والترقيات، فقبل سنة تقريباً قدمت أوراقي إلى إدارة التوظيف النسائية بالرياض، فردت الموظفة شهاداتي وخبراتي التي حصلت عليها من خلال العمل التطوعي في عدة جهات حكومية وأهلية، وقالت: ليس معترف بها في الوزارة!!!
وأشير أخيراً إلى تخصيص جائزة للعمل التطوعي المتميز والمؤسسة التطوعية، وذلك دعماً لمسألة العمل التطوعي وتكريماً للمتطوعين، كما في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تحتضن جائزة الشارقة للعمل التطوعي والتي تحظى برعاية مباركة من صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة.
المصدر: وفاء بنت ناصر العجمي - جريدة الجزيرة