المجاهد الأسير زهير لبادة.. مرارة الأسر ومرارة المرض

منذ 2010-02-17

.. هذا ولا يزال عشرات الأسرى المرضى المقيمين بشكل دائم في سجن الرملة الصهيوني، عدا عن الذين يتوافدون من السجون بين الفترة والأخرى لأمراض تلمّ بهم من سوء الأوضاع الصحية في السجون بشكل عام.


عندما يعلو صوت الجهاد وروح المقاومة على ألم الجسد ومرارة العذاب ترى كل شيء له طعمٌ آخر، كيف لا وهم يستعذبون العذاب في سبيل أن ينالوا حقهم وحريةً سُلبت منهم، هكذا تراه شامخاً في أسره يتعالى على كل العذابات وعلى جراحه التي تنزف كل يومٍ بلون مختلف، تتوالى عليه المعاناة وتحفر في كل يوم على جسده معالمها لتكون أوضح دليلٍ على حقد بني صهيون وعلى موت الإنسانية التي لطالما تغنّوا بها، هنا تكمن روح التحدي والإرادة في مواجهة المحتل، هنا تعلم أنّك تقف أمام رجلٍ صلب الفكرة والعقيدة، نعم هكذا عرفناه رغم كل ما ألمّ به من أمراض تركت آثارها لسنوات على جسده، فلم ترحم سنوات الأسر الطويلة ضعفه ولا أنّات مرضه وعذاباته، هنا تدرك أنّك تتحدث عن الأسير زهير رشيد لباده من جبل النار موطن الجماليين والعياش.


في سنواتٍ مضت وفي حملة صهيونية شنت ضد قيادات وكوادر حماس كان له موعد مع الأسر والإبعاد ليلتحق بركب إخوانه الذين أبعدوا قهراً وظلماً إلى مرج الزهور عام1992، ليجتمع عليه ألم البعد وألم الجسد؛ فمن مرج الزهور بدأت رحلة العذاب مع المرض ونتيجة للبرد الشديد أصيب لباده بمرض الفشل الكلوي الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية مما دفع الاحتلال لإعادته إلى الضفة الغربية، وتستمر حكاية الألم والعذاب حين قام بزرع كلية تبرعت له بها شقيقته، لكن جسده لم يتقبلها، وفشلت هذه العملية لتزيد الوضع سوءاً حتى أصبح له مواعيدَ ثابتةً تتكرر يزور فيها المستشفى ليقوم بغسيل كلوي ثلاث مرات أسبوعياً.


لو كان هذا الإنسان خارج فلسطين لتوفرت له كل أساليب الراحة والعلاج، لكن كيف له أن تهنأ له عيشة أو يركن له ألم وهناك من يتربص له ويكيد له المكائد، ففي وضعٍ صحي مثل وضع زهير لبادة فإنّ عناية خاصة يجب أن تحاط به وتتوفر له خدمات صحية عالية المستوى، ولكن هذا لا معنى له عند بني صهيون وأتباعهم، فمن سجون المحتل إلى سجون السلطة الفلسطينية كانت حكاية الأسر تنسج أوراقها، فأكثر من خمس مرات يعتقل لدى الاحتلال وفي كل مرة يكون الحكم الإداري بالمرصاد دون أي تهمة توجّه له غير أنّه بتقديراتهم يُعد خطيراً على أمن دولتهم، وتارة تراه هناك مختطفاً في سجون ذوي القربى؛ فقبيل اعتقاله الأخير كان يعاني الشبح والتعذيب في سجن الجنيد بنابلس، عند أناسٍ تجردوا من كل رحمة وإنسانية، لاقى في زنازينهم أشدّ ألوان العذاب وأبشع أشكال التحقيق، فلم يشفع له مرضه، بل على العكس قد استغلوا وضعه الصحي لابتزازه وانتزاع الاعترافات منه خلال التحقيق، وأثناء اعتقاله نُقل أكثر من مرة إلى المستشفى تحت تغطية أمنية مشددة دون علم أهله، حتى أنّه في إحدى المرات التي نقل بها إلى المستشفى قاموا بغسيل كلوي له وهو مُقيد اليدين والرجلين تحت حراسة مشددة.


وصل خبر مرضه إلى أهله بطريقة الصدفة، حينما أبلغهم أحد المرضى في المستشفى التي قاموا بنقله إليه، ونتيجة لتكامل الأدوار وتقاسم العذاب والتضييق تفرج عنه أجهزة السلطة ليعلم أن موعده مع الاحتلال والأسر سيكون قريباً، فالمهمة بينهما لم تكتمل بعد، وما هي إلا أيام قليلة حتى تعتقله قوات الاحتلال.


زهير لبادة يقبع حالياً أسيراً في سجن مستشفى الرملة منذ سنتين تحت الحكم الإداري، ونتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون، فهم يتبعون سياسة الموت البطيء، فهو بالإضافة إلى الفشل الكلوي الذي يعاني منه منذ سنوات، فهو يعاني من التهاب في الكبد وألم بالعظام والمفاصل لعدم توفر العلاج الكامل والمتخصص بمرض الفشل الكلوي، ورغم حصوله على الموافقة لزراعة كلية فإنّه لا يجد من يتبرع له بزراعتها وها هو ينتظر الفرج بإيجاد متبرعٍ له لينقذ بها صحته من خطر يهدد جسده، كما أنّه ومنذ ثمانية شهور لم تجري له إدارة المستشفى أي فحص ونتيجة لذلك فإن وضعه الصحي يتفاقم سوءاً، كما أنها تماطل بتقديم العلاج الذي يريد بحجة التكاليف العالية لتلك العلاجات، وتحت وطأة الألم وعذابات الأسر والمرض فقد خاض الأسير لباده إضرابات عن غسيل الكلى وعدم أخذ الدواء من أجل الضغط على إدارة السجون للإفراج عنه ولكن لا حياة لمن تنادي.


ويطالب الأسير لبادة كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية وأطباء بلا حدود، بالاهتمام أكثر بالأسرى المرضى الذين اجتمعت عليهم مرارة الأسر ومرارة المرض، ويطالبهم بتقديم تقارير طبية تبين وتفصّل سوء وضعه وتقديمها للمحاكم الصهيونية من أجل الضغط عليهم للإفراج عنه وعن إخوانه.


هذا ولا يزال عشرات الأسرى المرضى المقيمين بشكل دائم في سجن الرملة الصهيوني، عدا عن الذين يتوافدون من السجون بين الفترة والأخرى لأمراض تلمّ بهم من سوء الأوضاع الصحية في السجون بشكل عام.


المصدر: غفران زامل - موقع كتائب القسام
  • 1
  • 0
  • 2,887

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً