المسيح الدجال - [3] المطلب الثاني: مكان وزمان خروج الدجال، والبقاع المحرم عليه دخولها

منذ 2016-03-15

إن خطر فتنة الدجال كبير، لذلك كثر تحذيره صلى الله عليه وسلم من فتنة الدجال، وذكر أموراً كثيرة تتعلق بهذه الفتنة من ذكر صفاته، ومكان خروجه، وصفة الزمن الذي يخرج فيه، وفتنته التي يجريها الله على يديه؛ ليكون المؤمن على بينة من أمر هذا الدجال ليحذره.

إن خطر فتنة الدجال كبير، لذلك كثر تحذيره صلى الله عليه وسلم من فتنة الدجال، وذكر أموراً كثيرة تتعلق بهذه الفتنة من ذكر صفاته، ومكان خروجه، وصفة الزمن الذي يخرج فيه، وفتنته التي يجريها الله على يديه؛ ليكون المؤمن على بينة من أمر هذا الدجال ليحذره.

فمن أين يخرج الدجال؟!
أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من قبل المشرق، من منطقة خراسان من بلدة أصبهان، فمن هنا يكون بدء خروجه، ثم يسير في الأرض، فلا يترك بلداً إلا دخله إلا ما حرم عليه دخوله من: مكة، والمدينة، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور كما سيأتي، وفي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : «ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو، وأومأ بيده إلى المشرق» (صحيح مسلم مع شرح النووي [18/83]).

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : "حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان»" [1].

وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال من يهودية أصبهان، معه سبعون ألفاً من اليهود» [2].

متى يخرج الدجال؟
لم تحدد السنة عاماً محدداً لخروجه، ولكن ذكرت أمارات يدل وقوعها على قرب خروجه، ومن هذه الأمارات:

1. قلة العرب: فروى مسلم في صحيحه، عن أم شريك أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليفرن الناس من الدجال في الجبال»، قالت أم شريك: "يا رسول الله، فأين العرب يومئذ"، قال: «قليل» [3].

2. الملحمة وفتح القسطنطينية:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك ملحمة كبرى ستقع بين المسلمين والروم، ينتصر فيها المسلمون، ويفتحون القسطنطينية، وبالتكبير، والتهليل تسقط أسوارها، وعند اقتسامهم الغنيمة بعد الفتح يسمعون صريخاً أن "الدجال قد خلفكم في ذراريكم"  فكان فتح القسطنطينية، وغزو الروم مؤذناً بخروج الدجال.

روى أبو داود، عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمران بيت المقدس، خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال» [4].

وروى مسلم، عن جابر بن سمرة، عن نافع بن عتبة رضي الله عنهما أنه قال: "حفظت منه - من رسول الله صلى الله عليه وسلم - أربع كلمات أعدهن في يدي قال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عز وجل، ثم فارس فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله»، قال: "فقال نافع: "يا جابر، لا نرى أن الدجال يخرج حتى تفتح الروم"" [5]، وهذه الأحاديث تدل أن للمسلمين حينها قوة وشأناً.

3. انحباس المطر والنبات:
من أمارات خروج الدجال ما يصيب الناس من إجداب لأرضهم، وقحط في أوقاتهم لانحباس المطر عنهم، فيبتلون بلاءً شديداً، ويفزع الناس حينئذ للتسبيح والتهليل فهو معاشهم بدل الماء والطعام ، حينها يخرج الدجال ومعه الأطعمة والأشربة ليفتن بها الناس.

ففي سنن ابن ماجه، وصحيح ابن خزيمة، ومستدرك الحاكم، عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظلف إلا هلكت، ما شاء الله»، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟، «قال: التهليل، والتكبير، والتحميد، ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام»[6].

4. ذكر الدجال ثلاث علامات لخروجه كما في حديث تميم الداري - والذي سيأتي بتمامه إن شاء الله في المبحث الثاني - ذكر أن من علامات خروجه: جفاف بحيرة طبرية الواقعة بالشام، وجفاف عين زغر وهي بلدة قريبة من بيت المقدس، وتوقف نخل بيسان عن إعطاء الثمر، وبيسان قرية بالشام جنوبي طبرية، وأيضا ناحية باليمامة.

5. قلة ذكره على المنابر، وشيوع الجهل به: :فهذه أمارات وعلامات تؤذن بخروج الدجال حين حدوثها[7].

البقاع المحرم عليه دخولها:
تقدم أن الدجال يخرج من خراسان، ويسيح في الأرض بعدها، فلا يترك مكاناً إلا وطئه ودخله، وعمه بفتنته، ولكن حرم الله تعالى عليه مدناً ومساجد لا يستطيع دخولها؛ تحرسها الملائكة، وتمنعه منها مع قدومه إليها رغبة في دخولها ولكن هيهات! فالملائكة له بالمرصاد.

فمن المدن المحرمة عليه: مكة والمدينة، لما في حديث تميم الداري قوله: «غير مكة وطيبة فهما محرمتان عليه كلتاهما»[8].

والمساجد المحرمة عليه أربعة؛ لما في الحديث، عن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الدجال، وقال إنه يمكث في الأرض أربعين صباحاً يبلغ فيها كل منهل، ولا يقرب أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطور، ومسجد الأقصى" [9].

--------------------------------
[1] (رواه الترمذي في كتاب الفتن باب ما جاء من أين يخرج الدجال [9/88]، عارضة الأحوذي).

[2] (الفتح الرباني ترتيب مسند أحمد [24/73]، وانظر في مكان خروجه - فتح الباري [13/91]، وأشراط الساعة للوابلي [308]).

[3] (صحيح مسلم مع شرح النووي [18/86]، كتاب الفتن، باب بقية من أحاديث الدجال).

[4] (رواه أبو داود في كتاب الملاحم، باب في أمارات الملاحم [17/208]، من بذل المجهود).  

[5] (رواه مسلم في صحيحه في كتاب الفتن وأشراط الساعة [18/26] بشرح النووي).

[6] (صحيح الجامع للألباني [2/1302]، برقم [775 ]).

[7] (انظر : لوامع الأنوار [22/107-111]، فقد جاء أشراطها لمحمود علي [349]، القيامة الصغرى للأشقر [231 ] عمر أمة الإسلام، وقرب ظهور المهدي لأمين جمال الدين [91]).

[8] (رواه مسلم في صحيحه [17/83]، بشرح النووي).

[9] (الفتح الرباني [24/76]، وقال ابن حجر في الفتح [13/15]، أخرجه أحمد، ورجاله ثقات).

المصدر: مجلة البحوث الإسلامية- العدد الخامس والثمانون - الإصدار: من رجب إلى شوال لسنة 1429هـ
  • 2
  • 0
  • 19,357
المقال السابق
[2] المطلب الأول: اسم الدجال وصفاته
المقال التالي
[4] المطلب الثالث: فتنة الدجال، وكيف نتقيها، وماذا نفعل إذا وقعت (1)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً