ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَة
أحمد قوشتي عبد الرحيم
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَة}
وإياك أن تمل من الدعاء والرجاء ، وسؤال ربك حوائجك كلها ، وإن تأخرت الإجابة ، وطال أمد الشدة والبلاء ، بل تضرع لمولاك وتذلل ، واخضع له وتبتل ، وسله راجيا باكيا ، ملحا متلهفا ، مستكينا منكسرا ، فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء ، ويجيب دعوة المضطرين .
وقف بباب الملك سبحانه وقفة الخاشع الذليل، من خضعت لله رقبته، ورغم له أنفه، وفاضت له عيناه، وذلَّ له قلبه، ومن ليس له سوى باب سيده ومولاه ، فإن رده فإلى باب من يلجأ ، وبحمى من يلوذ ويستجير .
وما أرق قول السري السقطي " كُنْ مِثْلَ الصَّبِيِّ إِذَا اشْتَهَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَهْوَةً فَلَمْ يُمَكِّنَاهُ، قَعَدَ يَبْكِي عَلَيْهِمَا ، فَكُنْ أَنْتَ مِثْلَهُ.
فَإِذَا سَأَلْتَ رَبَّكَ وَلَمْ يُعْطِكَهُ فَاقْعُدْ فَابْكِ عَلَيْهِ " [شعب الإيمان للبيهقي 2 / 385 ] .
فإن تأخرت الإجابة فاقعد وابك بباب مولاك ، وقل بلسان حالك : واقف يا سيدي ببابك ، ولائذ بجنابك ، ومؤمل عفوك ورضاك ونوالك ، فإن أبعدتني فمن يقربني ، وإن أقصيتني فمن يدنيني ، وإن خذلتني فمن ينصرني ، ليس لي رب غيرك ، ولا مولى سواك ، وأنا مستعيذ برضاك من سخطك ، وبعافيتك من عقوبتك ، وبك منك ، لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وأنت أكرم من سئل ، وأجود من أعطى ، ولا حول ولا قوة إلا بك .