بين الأستاذ وطلابه !
وليست حاجة الأستاذ أو الشيخ إلى طلابه بأقل من حاجتهم إليه !
وصحيح أن الأستاذ يعلم طلابه ويفهمهم ، ويختصر لهم الوقت والطريق ، ويعطيهم خلاصة عمره وعصارة تجربته ، ويفتح لهم مغاليق العلم ، وما استصعب من مسائله وأبوابه .
لكنهم مع ذلك يشحذون ذهنه ، ويثبتون العلم في صدره ، ويفتحون له أبوابا من النظر والتأمل ما كان يمكن أن تفتح له دون المدارسة معهم ، وإلقاء مسائل العلم عليهم .
ثم هم أيضا ناشرو علمه ، وامتداد لذكره ، واتصال لمنهجه وفكره ، وبدونهم تفتر همة الأستاذ ، وينسى كثيرا من مسائل العلم ، وتبرد حرارة فهمه وشرارة ذكائه ، وتوقد استنباطه .
ومن نعم الله على الأستاذ أو الشيخ أن يرزقه تلاميذ أذكياء نجباء ، يفجرون مسائل العلم معه ، ويستثيرون عقله وفهمه ، ثم ينقلون علمه ومنهجه وكتبه ، وقد قال الشافعي رحمه الله عن الليث بن سعد " كان الليث بن سعد أفقه من مالك بن أنس، إلا أنه ضيعه أصحابه "
وإذا علمت هذا كله فاعجب لأستاذ أو شيخ : سيء الخلق مع تلامذته ، شرس الطباع ، صعب العشرة ، متقلب المزاج ، متعال ، شامخ بأنفه ، كثير الإساءة لهم ، شحيح في بذل النصح والعلم لهم ، ولو أدرك الحقيقة لطبق وصية ابن عباس الذي روي عنه أنه سئل " من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت" [تاريخ دمشق لابن عساكر 73 / 214 ، 215 ] .
- التصنيف: