وما توفيقي إلا بالله
مهما كان ذكاؤك ، ومهارتك ، واجتهادك ، وسعة حيلتك ، وكثرة معارفك ، فلن يكفي ذلك والله لتنال مطلوبك ، ولتحقق مقصودك دنيويا كان أو أخرويا ، ويبقى التعويل في المبدأ والختام على فضل الله ورحمته ، وتوفيقه لعبده في كل ما يأتي أو يذر .
ولا يعني ذلك بحال طرحا للأسباب ولا إهمالا لها ، وإنما تنبيه القلب إلى عدم الركون إلى الأسباب ، ونفي الثقة التامة بها ، وتفويض الأمر إلى من بيده ملكوت كل شيء ، والذي إن فتح لأحد من عباده باب خير ورحمة وعافية فلا ممسك له ، وإن أمسك فلا مرسل له من بعده .
وكم رأى العبد في واقعه وأحداث حياته ، وفي واقع الناس من حوله نماذج لا حصر لها تشهد لهذا الأمر ، وتدل عليه .
" وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكل شر فأصله خذلانه لعبده . وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك ، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك. فإذا كان كل خير فأصله التوفيق ، وهو بيد الله لا بيد العبد ؛ فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه ؛ فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ، ومتى أضله عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه " [الفوائد لابن القيم ص 97]
- التصنيف: