معنى تحدي الذبابة؟!
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج:73].
ما المقصود هنا بخلق الذباب؟
بمعنى آخر؛ في هذا التحدي؛ ما الذي لو فعله من يدعون من دون الله يكونوا قد فازوا بالتحدي؟
هل هو الخلق من عدم؟ أم تجميع جزيئات بنفس نمط تواجدها في الذبابة الطبيعية وتصنيعها مماثلة تماما -خارجيا وداخليا- لذبابة طبيعية حية؟ أم ماذا؟!
سؤال للتفكير ... اقدح زناذ ذهنك.
أرى الآتي:
- أن الخلق معناه: الإبداع على غير مثالٍ سابق
- من (1)، فإن الخلق لا يكون بتجميع الذرات تماما كما هي في الذبابة التي خلقها الله، لأن هذا "تقليد" وليس "إبداع"
وبالتالي فإن خلق ذبابة معناه الآتي: تكوين كائن له نفس خصائص الذبابة (من شكل وحركة وطيران وبحث عن الغذاء بنفسها وإخراج وتناسل... الخ) لكن بتصميم داخلي مختلف عن التصميم الإلهي.
هنا يكون التحدي في إبداع كائن كالذبابة تماما من حيث المواصفات الظاهرية، لكن بتصميم وآليات داخلية مختلفة.
والأمر هنا شبيه تماما بالتحدي بالإتيان بأقصر سورة من مثل القرآن، فإن هذه السورة المُتحَدى بها لا معنى أن تكون تقليدا للسورة الإلهية بحيث يوضع كل حرف مكان نظيره في السورة الإلهية؛ والحرف في أقصر سورة هو كالذرة في الذبابة، والآية فيها هي كالجزيء في الذبابة.
- 3. بالنسبة لمسألة أن يكون التحدي بخلقها من العدم فليس صحيحا في نظري لأن التحدي يجب أن يكون بأمر ممكنٍ من حيث المبدأ، والخلق من عدم ليس ممكنا من حيث المبدأ، بل ستجد من الملحدين من يقول لك، "وهل هناك خلق تم من عدم أصلا كي تتحدونا أن نفعل مثله؟" فالخلق من عدم ليس مشاهَدًا كظاهرة طبيعية يعترف بها الملحدون.
وكي أقنعك أن التحدي ليس بالخلق من العدم؛ إلجأ للمقارنة بالتحدي بالإتيان بسورة من مثل القرآن، فالله يقينا لم يتحدى العرب أن يخترعوا لغةً جديدة لم تكن موجودة أولا ثم استخدامها في الإتيان بسورة لها مثل خصائص سور القرآن، بل إن الله - إمعانا في التحدي - قد سمح بأن يستخدم العرب الحروف العربية الموجودة بالفعل كي يُنشئوا سورة من مثل سور القرآن في الخصائص.
وكذلك فإن التحدي بخلق تصميم جديد لكائن كالذبابة تماما في خصائصه من الذرات الموجودة بالفعل، أقول أن التحدي بهذا هو أقوى من تحدي الخلق من العدم، لأنه من حيث المبدأ ممكن لكن من حيث الواقع ممتنع، وهذا أخزى للمعارض وأكثر إفحامًا له.
هذا اجتهادي، فإن كان من صواب فمن الله وإن كان من خطأ فمن نفسي. والله تعالى أعلم.
- التصنيف: