استشارة: إنكار إعجاز القرآن
السؤال:
ما الرد العملي على من يقول: أن القرآن ليس فيه إعجاز علمي؟ وأن الناس هي التي أعطته هذه الصفة؟
الجواب:
القرآن كتاب معجز لن يأتي الناس بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، والمعجزة لها تعريفها وضوابطها، وكثير من قضايا الإعجاز العلمي الغير منضبطة قد تسلل الملحدون من ثغرها وأخذوها على الإسلام وذلك لأن الناس ما انفكت تشير إلى كل شيء له علاقة بلغة العلم المعاصر فتنعته بالإعجاز العلمي.
لكن للأسف في أغلب الأحوال هم يخالفون ضوابط مصطلح "المعجزة"، وضابط المعجزة هي أن يُتَحَدَى بها الكفار في عصر إظهارها وليس بعده، لذا فهي غير منطبقة عندما نقول الآن أن القرآن كان به معلومة منذ أكثر من ألف عام لم تكن معروفة حينها، لأنه لا يوجد تحدي في هذا لا لأهل عصر نزول القرآن، ولا لأهل عصرنا اليوم.
ولو فرضنا جدلا أننا نتحدث عن معجزة بالمعنى الاصطلاحي فلا يكون هذا إلا باستخراج - الآن - حقيقة علمية لا يعرفها الناس ولا يوجد سبيل لأن يعرفوها بأدواتهم المعاصرة، ثم إثباتها علميا قبل إعلانها، ثم إعلان أننا وجدنا هذا في القرآن وأثبتناه ونتحدى من يستطيع إثبات خطئه.
وأنا لا أوصى بهذا الاتجاه -بل أنهى عنه- لأن هذا فيه مجازفة أكبر حتى من مجازفة الإعجاز العلمي بطريقته المتعارف عليها الآن، وذلك لأن الكثيرين من المتحمسين الطيبين سيسيئون استخدامه كذلك.
لكني فقط أبين معنى مخالفة الإعجاز العلمي الشائع لمفهوم واصطلاح المعجزة.
بيد أن هذا لا يقلل من قيمة السبق العلمي للقرآن الكريم الذي نكتشف الآن أنه نزل منذ أكثر من ألف عام بحقائق علمية في وقت يستحيل على أهله أن يكونوا قد استقرؤوه من الطبيعة بأدواتهم المتواضعة حينئذ، لكنه يضع هذا السبق في السياق الصحيح وهو أنه من الدلائل التي يصح أن نحتج بها اليوم على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن الدلائل التي يصح أن نحتج بها اليوم على الأصل الإلهي للقرآن الكريم.
فمثلا آيات وصف أطوار الجنين في بطن الأم؛ هي من دلائل أن صلى الله عليه وسلم لم يكن ينطق عن الهوى لأن أمرا كهذا؛ ليس لم يكن معروفا وقت نزول القرآن فحسب، ولكن أدوات أهل هذا الزمان لم تكن لتسمح باكتشافه بحال.
وعليه فالسبق العلمي الحقيقي الذي ليس فيه تعسف في التفسير - مثل أطوار الجنين - قيمته في أنه برهان من براهين عصرنا على إلهية القرآن، وهذه قيمة عظمى ولا ريب.
وقد يكون علماء الإعجاز قد فرقوا بين مصطلح "المعجزة"، ومصطلح "الإعجاز" بحيث أن "المعجزة" تكون هي التحدي، و"الإعجاز" يكون له تعريف آخر وهو أنه برهان النبوة والمصدر الإلهي للقرآن. إن كان الأمر كذلك فلا تثريب على قضية الإعجاز بشرط عدم التسرع ولا التعسف في التفسير.
وجدير بالذكر أن ضوابط - الإعجاز العلمي الذي أراه أنه بمعنى برهان إلهية القرآن - مذكورة في كتاب "كيف نتعامل مع القرآن العظيم" للدكتور يوسف القرضاوي، لذا أوصى بقراءة الفصل الذي يتناول قضية الإعجاز العلمي.
هذا وإن كان من خطأ من نفسي وإن كان من توفيق فمن الله تعالى.
- التصنيف: