عيد الأم

منذ 2016-03-19

هل عاد عيد الأم عليها وهو يحمل إليها أمومتها المسلوبة؟ هل عاد إليها يحمل لها إعلانًا حقيقيًّا يفيد إعادتها إلى مملكتها بين أسرتها التي إن لم تشردها الحروب الدموية، فقد شردت الحروب الفكرية اللا أخلاقية؟!

سواء كان معنى العيد أنه اليوم الذي يعود دوريًّا لمناسبات متكرر، أو كان اليوم الذي يأتي بالفرح والسرور، فكأني بالأم تردد بعض أبيات المتنبي في قصيدته "العيد!":

عيد! بأية حالٍ عُدْتَ يا عيدُ * * *  بما مضى، أم أمرٍ فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم * * *  فليت دونك بيدًا دونها بيد

وكأنها تملأ أذنيها من معسولات الكلام التي تتغنى بحقوق الأم وأناشيدها التي تترنم بعيدها، ولكنها في الواقع خواء في خواء، وكأني بها تقول عن رجال عيد الأم وهيئاته ومؤتمراته وندواته، كأنها تقرأ عليهم بعض أبيات المتنبي في قصديته المذكورة:

جودُ الرجالِ من الأيدي وجودُهمُ *** من اللسانِ فلا كانوا ولا الجودُ

يقول: هؤلاء يجودون بالمواعيد ولا يجودون بالمال، ثم دعا عليهم فقال لا كانوا ولا كان جودهم. قد كبر مقتا عند الله تعالى على من هذا حاله: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف:3]

فهل عاد عيد الأم عليها وهو يحمل إليها أمومتها المسلوبة؟ هل عاد إليها يحمل لها إعلانًا حقيقيًّا يفيد إعادتها إلى مملكتها بين أسرتها التي إن لم تشردها الحروب الدموية، فقد شردت الحروب الفكرية اللا أخلاقية؟!
هل عاد إليها ابنها الذي بيع في سوق تجارة البشر؟!
هل عاد إليها بمنزلها الذي شُرِّدت منه، وبزوجها الذي اعتقته الأنظمة الجائرة أو قتلته لأنه يكفر بها ولا يحني جبينه إلا لله؟!

يا عيد ما عُدتَ بمحبوب * * *  على مُعَنّى القلب مكروب
يا عيد قد عدت على ناظر * * *  عن كل حسن فيك محجوب
يا وحشة الدار التي ربّها * * *   أصبح في أثواب مربوب
قد طلع العيد على أهلها * * *  بوجه لا حسن ولا طيب
ما لي وللدهر وأحداثه * * *   لقد رماني بالأعاجيب

بأية حال عاد العيد والأم مازالت في دار (العجزة؟!)، بل كانت في بيت كنَّتِهَا العام الماضي، وهذا العام في دار العجزة؟!

إن عيد الأم في الإسلام كل يوم، لا يفارقها هذا العيد ما لم يفارقها وصفُ الأم ذاته، فهي تستحق الإفراح وإدخال السرور لحظة بلحظة في حياتها كلها، تجوع أنت لتطعمها وتعطش لتسقيها وتتعب لتريحها وتعرى لتكسوها... تحملها على ظهرك وتطوف بها الكعبة ومناسك الحج ولم تؤد حقَّ زفرة من زفراتها ولا طلْقة ألمٍ من طلقاتها...

إن المرأة فى ديننا ليس لها يوم أو يومان، (يوم عالمى للمرأة)أو(عيد الأم)، وإنما حين تنشأ تحت ظلال دين الله عز وجل، فكل أيامها بركة عليها  وفي أطوار حياتها كله، ووضعياتها الاجتماعي المختلفة، بنتا صغيرة عزباء كانت، أو زوجة أو أمَّا؛ فهى:

تدخل أباها الجنة طفلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»(البخاري، الصحيح، برقم:[5995])

وتكمل دين زوجها شابة إذا كانت صالحة: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي»(الألباني، صحيح الجامع، برقم:[423])

والجنة تحت قدمها أمًّا، كما في الحديث: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا»(النسائي، السنن، برقم:[3104]، وصححه الألباني]. 

فهنيئا لك أيتها المرأة المسلمة

أبو محمد بن عبد الله

باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.

  • 1
  • 0
  • 3,473

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً