أنتِ مسلمة

منذ 2010-03-01

أختي العفيفة: كثيرة هي أقوال العلماء والأئمة المحققين، وها أنا ذا أسوق لك بعضًا من أقوالهم في وجوب ستر المرأة وجهها، ولزومها الستر وإخفاء الزينة، على اختلاف مذاهبهم، وأدع الرأي بعد ذلك لك؛ لتفكري في الحق.



إلى أختي المسلمة: حفظها الله ورعاها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد:

فيا رعاك الله: دعيني في هذه الأسطر المختصرة، أوضح لك أمراً مهماً لطالما خاض فيه الكثيرون، ألا وهو أمر الحجاب، والإعراض عنه بل والإستهزاء به وبأهله، والاحتجاج بأن أهل المذاهب اختلفوا في وجوبه، ونحو ذلك من الكلام والمراوغات التي نسمعها ونراها من الكثيرين، متمسكين في ذلك بقول أو رواية تخالفها النصوص.

أختي العفيفة: كثيرة هي أقوال العلماء والأئمة المحققين، وها أنا ذا أسوق لك بعضًا من أقوالهم في وجوب ستر المرأة وجهها، ولزومها الستر وإخفاء الزينة، على اختلاف مذاهبهم، وأدع الرأي بعد ذلك لك؛ لتفكري في الحق.



من أقوال الحنفية:

قال الجصاص رحمه الله: "المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج؛ لئلا يطمع أهل الريب فيها" (أحكام أهل القرآن 3/458) .

وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: "حرمة النظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء" (المبسوط: 10/152).

وقال علاء الدين الحنفي رحمه الله: "وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال".
قال ابن عابدين المعنى : "تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع فتنة" (حاشية ابن عابدين: 2/261) .

وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمد شفيع حنفي بالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء ، وجمهور الأمة على أنه لا يجوز للنساء الشباب كشف الوجوه والأكف بين الأجانب، ويستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} [النور: 60] (نقلاً عن كتاب المرأة المسلمة202).



وأما المالكية فمن أقوالهم:

قال أبو بكر ابن العربي ، و القرطبي رحمهما الله: "المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو حاجة..." (أحكام القرآن: 3/1578، والجامع لأحكام القرآن 14/277).

وقال ابن المنير المالكي: "إن كل بدن الحرة لا يحل لغير الزوج، والمحرم النظر إلى شئ منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة".



وأما الشافعية فمن أقوالهم:

قال إمام الحرمين الجويني رحمه الله: "اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه"(روضة الطالبين 7/24).

ونقل ابن حجر الهيثمي رحمه الله عن الزيادي ، وأقره عليه: "أن عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد" (تحفة المحتاج: 2/112) .

وقال ابن رسلان رحمه الله: "اتفق المسلمون على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق" (عون المعبود:11/162).

وقال الموزعي الشافعي رحمه الله: "والسلف والأئمة كمالك وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعي ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة: القدمين. وما أظن أحداً منهم يبيح للشابة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشاب أن ينظر إليها لغير حاجة" (تيسير البيان لأحكام القرآن: 2/1001) .



وأما الحنابلة فمن أقوالهم :

قال الإمام أحمد رحمه الله: "ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تبن منها شئ ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأحب إلى أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتى لا يبن منها شئ" (انظر الفروع: 1/601) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز".
وقال أيضاً: "إنما ضرب الحجاب على النساء لئلا تُرى وجوههن وأيديهن" (الفتاوى: 15/372) .

وقال ابن القيم رحمه الله: "العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك".



الحق أحق أن يتبع:

أختي المسلمة: يكفي في وجوب الحجاب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].
الجلباب هو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن (انظر تفسير ابن كثير: 3/ 679).

قال السيوطي رحمه الله: "ذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن".

وما روته عائشة رضي الله عنها قالت:"يَرحَمُ الله نساءَ المُهاجرات الأُوَل، لَمَّا أنزَلَ الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شققنَ مُروطَهُن فاختَمرن بها". [رواه البخاري] اختمرن بها أي: غطين وجوههن (انظر فتح الباري: 8/ 627).

• فيا أختي الحق أبلغ وأوضح من الشمس في رابعة النهار، فكوني مع الحق ولا تزيغي عنه، واتبعي ولا تخالفي.



تنبيهات مهمة:

• ما يذكره العلماء في جواز كشف الوجه، إنما يريدون بذلك حال الصلاة، أما خارجها فلا يجوز، كما ذكر ذلك شيخ الاسلام رحمه الله حيث قال:"وبالجملة فقد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها وإنما ذلك إذا خرجت" ونبّه إلى أنه من أخطاء متأخري الفقهاء ذكر عورة المرأة في باب شروط الصلاة، وأنه نتيجة لذلك ربط كثير منهم بين عورة المرأة داخل الصلاة وخارجها -مع أنه لا تلازم- إذ بعض ما يجوز كشفه داخلها لا يجوز خارجها (انظر الفتاوى: 22/115) .

• الحجاب مفروض على جميع نساء المؤمنين، وليس خاصاً بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، قال الجصاص في أحكام القرآن: "وهذا الحُكمُ وإن نَزَل خاصاً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه فالمعنى عامٌّ فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين باتباعهِ والإقتداء بهِ إلا ما خصه اللهُ به دُونَ أُمَّته" (5/242) .

• ليس لنا خيار فيما أمر الله تعالى ورسوله، وقد أمر بالستر والعفاف، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} [الاحزاب: 36].

• كل يؤخذ من قوله ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فقوله القول الحق.



تحذير:

ليحذر كل مسلم ومسلمة من مخالفة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].



تذكير:

تذكري أن ربنا غفور رحيم، يفرح بتوبة التائب ويعفو عنه، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

وقال عليه الصلاة والسلام: «لله أفرحُ بتوبة عَبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أَضلَّهُ في أرض فلاة» [متفق عليه].

فيا أختي لا تقنطي من رحمة الله ولا تيئسي من روحه، فالبدار البدار إلى التوبة النصوح قبل أن يفجأك الأجل، واعلمي أن الباب ما زال مفتوحاً ما لم تبلغ الروح الحلقوم، أو تخرج الشمس من مغربها، واحذري من التسويف في التوبة والإعراض عنها؛ فقد حذر الله من ذلك فقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11].

وفي الختام أختي الكريمة: أسأل الله لنا ولكم الهداية والرشاد، وأن يسلك بنا سبيل المتقين، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


للاستزادة انظري:

-أضواء البيان للعلامة الشنقيطي 6/584-603.

-وفتاوى شيخ الاسلام ج 22،15.

-فتاوى اللجنة الدائمة ج 17.

-ورسالة الحجاب للشيخ ابن باز وابن عثيمين.

-ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود التويجري.

-والمرأة المسلمة لوهبي غاوي.

-وعودة الحجاب لمحمد إسماعيل؟

-والأدلة المطمئنة لأحمد الحمدان.

-وحراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد.

المصدر: إبراهيم بن علي الحدادين - دار الوحيين
  • 0
  • 0
  • 5,017

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً