القيم ابن القيم!
أحمد قوشتي عبد الرحيم
- التصنيفات: أخبار السلف الصالح -
القراءة في كتب ابن القيم عموما، وكتبه الوعظية والرقائقية خصوصا - كالفوائد والوابل الصيب، وحادي الأرواح، و طريق الهجرتين ومدارج السالكين - تنعش النفس، وترقق القلب، وتهذب الأخلاق وتذكر بالآخرة.
وربما تساءل القارئ عن سر هذه الروعة المتسربة من خلال كلماته وكتبه، ولماذا تتسلل للقلب مباشرة، بحيث يشعر المطالع لها بصدق كاتبها، وإحساسه بما خطته أنامله، وأنه ليس من قبيل كتابات النائحة المستأجرة، بل النائحة الثكلى التي فتت كبدها الحزن، وهيج جوانحها الشوق.
وقد وجدت لصاحبه ورفيقه الحافظ ابن كثير وصفا عجيبا لابن القيم ومما جاء فيه أنه "كَانَ حَسَنَ الْقِرَاءَةِ وَالْخُلُقِ، كَثِيرَ التَّوَدُّدِ، لَا يَحْسُدُ أَحَدًا، وَلَا يُؤْذِيهِ، وَلَا يَسْتَعِيبُهُ، وَلَا يَحْقِدُ عَلَى أَحَدٍ " البداية والنهاية 18 / 523 .
ولعل هذا - والله أعلم - هو السر ومفتاح الشخصية، وسبب الفتح والقبول، أخلاق زكية سنية، ونفس صالحة مصلحة، لا تحسد ولا تحقد ولا تؤذي ولا تعيب، إنه مزيج فريد به وصل القوم إلى ما طلبوا، ونحسب إن شاء الله أنهم بلغوا ما قصدوا.
فأين نحن من هذه الأخلاق في زمن المشاحنات والمنافسات، وأين فينا من لا يحقد ولا يحسد أحدا قط على ما ناله من فضل أو أصابه من نعمة، ومن لا يطلق لسانه بالعيب والسب والسخرية والاحتقار؟
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.