وصية القائد الشهيد -بإذن الله- محمود المبحوح

منذ 2010-03-03

وصية الشهيد -بإذن الله- محمود المبحوح لا تختلف في كثيرٍ عن وصايا الشهداء الذين سبقوه جهاداً ومقاومةً واستشهاداً، فهي وصيةٌ ممزوجة بالدم، وممهورة بروحه الطاهرة، وقد عمل من أجل تحقيقها في حياته..

 


يحرص المقاومون وكان منهم الشهيد -بإذن الله- محمود المبحوح على ترك وصيتهم دوماً جاهزة، فهم يتهيأون للشهادة، ويتحضرون ليوم يلقون فيه ربهم شهداء، ويتطلعون إلى لقاء سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار، وخيرة الشهداء الذين سبقوهم إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض، ووصيتهم المكتوبة لا تختلف عن الوصية التي قاتلوا من أجلها، وضحوا في سبيلها، وتخلوا عن كل شئ من متاع الدنيا من أجلها.

 

الشهداء ليسوا بؤساء، بل هم من خيرة الناس وأشرافهم، ومن أغنى الطبقات وأكثر المجتمعات رفاهيةً، وهم من أصدق الناس مع أنفسهم ومع ربهم ومجتمعهم، فهم ليسوا أشقياء أو هاربين من شظف العيش وقسوة الحياة، أو أنهم عاجزين عن مواجهة صعاب الحياة فيفرون إلى الموت شهادةً أو انتحاراً، بل هم يرون أن الحياة هي الحياة الآخرة، وأنهم بمقاومتهم وشهادتهم إنما يصنعون الحياة لغيرهم، ويبنون العزة لأمتهم، ويرسمون المجد لشعبهم، وأن دماءهم لا تذهب هدراً، ولا تضيع سدىً، وأن الأفكار التي ضحوا من أجلها لا تموت بشهادتهم، ولا تزول بغيابهم، بل ترويها دماؤهم لتبقى، وتعزز أرواحهم من وجودها لتقوى.

 

فالشهيد -بإذن الله- دون غيره دوماً صادق اللهجة، نقي السريرة، بين الكلمة، ساعٍ نحو الحقيقة، رافضٍ للبهرج الكاذب، والإعلام المزيف، والأضواء المفسدة، والشهرة المفلسة، غير عابئٍ بالمظاهر الكاذبة، والشعارات البراقة، وكلمات النفاق، وعبارات التملق، ومساعي التكسب، فلا يقف أمام سلطان، ولا يخطب ود صاحب شأن، بل يصدح بالحق، ويجابه الباطل، ويتصدى للظلم، وينتزع ما يراه حقاً له بما أوتي من قوةٍ وبأس، ينتصر للضعيف، ويواجه الظالم، يكشف الحقائق، ويرفض ترقيع الأخطاء، وستر العيوب، والتغاضي عن السقطات، فتراه دوماً عالي الصوت، قوي العبارة، مقداماً غير هياب، مزاحماً جسواً غير ضعيف ولا خوار، يقتحم الخطوب، ويواجه التحديات، ويتصدى للصعاب، لا يبتئس إن كان وحيداً، ولا يغتر إن اجتمع الناس حوله، هذا هو الشهيد -بإذن الله- محمود المبحوح الذي عرفناه، صوتاً بالحق يصدح، وسيفاً مسلولاً من غمده قد تجرد، فما هو إلا صورةً نقية ناصعة عن كل الشهداء، حمل أمانة السابقين، وأودع اللاحقين من بعده وصيته، ونقلها إليهم بدمه، وهو يتمنى أن تبقى الأمانة مصونة، والعهود محفوظة، والأقدام على الحق راسخة.

 

أما الوصية الأولى التي كتبها الشهيد -بإذن الله- بدمه، فقد كانت فلسطين، الأرض والوطن، التراب والمقدسات، فلا تنازل عنها، ولا تخلي عن ذرة ترابٍ منها، فهي أرضنا وأرض الأجداد، أرض العرب وأرض المسلمين، حقاً نتوارثه، ووقفاً نحفظه، وقدساً نضحي من أجلها، وأنه مهما طال الزمن، واستوطن المحتلون، وتغطرس الاحتلال، فإنها ستعود عربيةً حرة، ترفرف فوق مآذنها رايات النصر، وتصدح في مساجدها نداءات الله أكبر، وليس عربياً ولا مسلماً من يفرط في ذرة ترابٍ من أرض فلسطين، أو يساوم على حقنا فيها.

 

أما وصية الشهيد -بإذن الله- الثانية فقد كانت المقاومة، والعهد على مواصلة نهج المقاومة، والحفاظ على البندقية، وتسليم الراية للأجيال القادمة ناصعةً نقية، دون عيبٍ يعتريها، أو شبهةٍ تشوبها، فلا تنازل أو مصالحة أو اعتراف، ولا تفريط ولا تخلي عن الحقوق أو بعضٍ منها، مذكراً بأن العدو الإسرائيلي المحتل لأرضنا، الغاصب لحقوقنا لا يفهم غير القوة، ولا يستجيب لغير المقاومة، فهي الوسيلة الوحيدة التي يفهما العدو، ويذعن ويخضع لها، وفلسطين والأمة العربية تزخر بالرجال المقاومين، وكلهم يعتز بالمقاومة، ويتمسك بها، ويعمل على استمرارها.

 

فالبندقية لدى الشهيد -بإذن الله- المبحوح هي زينة الرجال، وذخر المقاومين، ودرع المجاهدين، وهي التي تحمي، وبها ندافع، وإن أي محاولة في فهمه لجمع سلاح المقاومة جريمةٌ لا تغتفر، ولا ينبغي على المقاومين أن يسلموا أسلحتهم، أو أن يتخلوا عن قوتهم، فهذا مطلبٌ إسرائيلي، وكل من ينادي به إنما يخدم الاحتلال، ويعمل ضد صالح شعبه، وهو الذي جاب الدنيا بحثاً عن سبل تسليح المقاومة، وجعلها قوة عصية على الكسر، وقادرة على الصمود، بل قادرة على إلحاق الأذى بالعدو الإسرائيلي، فكانت وصيته لكل المقاومين بالثبات على نهجهم، وعدم التخلي عن سلاحهم، وألا يركنوا إلى عدوهم أو يطمئنوا إليه .

 

أما وصية الشهيد -بإذن الله- الثالثة فقد كانت دعوته إلى الوحدة الوطنية، وضرورة التلاقي على أهداف شعبنا الفلسطيني الوطنية، فهي السبيل إلى تحرير الأرض، واستعادة الحقوق، والعودة إلى الوطن والديار، فالوحدة الوطنية عنده ضرورة وأساس، ولكن على قاعدة الثوابت والحقوق، وليس على قاعدة التفريط والتنازل.

 

وقد عمل الشهيد -بإذن الله- خلال مسيرته النضالية على توحيد فصائل الثورة الفلسطينية على أرضية المقاومة، فكانت تربطه علاقات قوية مع المقاومين من كل الفصائل الفلسطينية، وكان يزود من احتاج منهم إلى السلاح والعتاد، ليضمن صيرورة المقاومة وشدة بأسها، ويتطلع الشهيد -بإذن الله- في وصيته إلى قادة الدول العربية لئلا يعترفوا بالعدو، وألا يقبلوا تطبيعاً معه، وألا يسمحوا له بأن يجوس خلال بلادنا فساداً وتخريباً، فالسلام مع إسرائيل زيفٌ وخداع، والاتفاقات معه باطلة ومخادعة، وشعوبنا العربية والإسلامية ترفض الاعتراف بالعدو، فلا أقل من أن يجري قادة الأمة العربية مصالحةً وطنية مع شعوبهم، لكن على قاعدة التمسك بالحقوق، ورفض الاعتراف بالعدو.

 

أما الوصية التي عاش من أجلها الشهيد، وضحى بحياته وهو يعمل لها، فقد كانت وجوب تحرير الأسرى، وضرورة العمل على عودتهم إلى بيوتهم وأهلهم، فقد كان هاجس الأسرى، الذين هم إخوانه ورفاقه، يلاحقه في كل مكان، ويهيمن على جل تفكيره وأوقاته، فكان يكرس الجزء الأكبر من عمله وجهده، في البحث عن سبل تحريرهم، ووسائل الإفراج عنهم، وهو الذي بدأ مقاومته بخطف الجنديين الإسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين، ورغم مضي السنوات الطويلة، إلا أن هم الأسرى والمعتقلين لم يغب عنه، فكان على اتصالٍ يوميٍ بالأسرى في السجون، وبذويهم في الأرض المحتلة، واعداً إياهم بالعمل الجاد والدؤوب من أجل ضمان تحريرهم من السجون والمعتقلات، وكانت عيونه تذرف الدمع وهو يتذكر إخوانه في السجون، وعلى وجه الخصوص محمد الشراتحة وروحي مشتهى، فكان يكز على أسنانه تصميماً، ويضرب بقبضة يده الهواء أو الجدار عزماً على تحقيق هذا الحلم، فكانت وصيته ألا ننسى أسرانا، وألا نفرط في حريتهم، وألا نألوا جهداً في العمل على استعادة حريتهم، وعودتهم إلى بيوتهم وأسرهم.

 

أما الوصية الخامسة التي أودعها المبحوح أمته وشعبه من بعده، فهي ضرورة ملاحقة العملاء، وتصفية الجواسيس والمتعاونين معه، وقد رأى أن العدو ما كان لينال من أمتنا لولا تآمر البعض، وتعامل آخرين، وكان الشهيد -بإذن الله- يرى أن العدو قد تمكن من اختراق الصفوف، وزرع العملاء والجواسيس، واختراق الحصون الوطنية، والقلاع المقاومة، لذا فقد آمن الشهيد -بإذن الله- بوجوب تطهير الصفوف، وتنقية الذات، والتخلص من كل الشوائب والعيوب، وأنه بغير فقئ عيون العدو، وبتر أطرافه التي يزرعها في صفوف شعبنا وأمتنا، فإنه سيكون من الصعب مواجهة العدو، والتمكن منه، وسيستمر في تسجيل انتصاراته علينا، وإحداث اختراقاتٍ في صفوفنا، فالعدو وحده أعجز عن مواجهة المقاومين، فهو يجبن عن المواجهة، ولا يقدم على عملٍ أو جريمة إلا بعد أن يستيقن من عيونه، ويتثبت من جواسيسه وعملاءه.

 

لذا فقد رأى الشهيد -بإذن الله- أن المقاومة بحاجةٍ دائمة إلى صفوفٍ نقية، وسرائر وطنيةٍ صادقة، وجنودٍ مخلصين، وأتباعٍ مؤمنين، وكان بحسه الأمني وحدسه اليقظ دوماً، يرفض الركون إلى حسن النية، وسلامة المقصد، بل كان يخضع كل ملاحظاته للمراقبة والتدقيق، قبل أن يقوم بإصدار أحكامه ومواقفه، وكان يوصي إخوانه دوماً بضرورة أخذ الحيطة والحذر، وعدم الانجرار وراء العواطف الزائفة، والمشاعر المخادعة، داعياً إلى التثبت من كل المواقف، والتأكد من نزاهة كل العاملين.

 

وصية الشهيد -بإذن الله- محمود المبحوح لا تختلف في كثيرٍ عن وصايا الشهداء الذين سبقوه جهاداً ومقاومةً واستشهاداً، فهي وصيةٌ ممزوجة بالدم، وممهورة بروحه الطاهرة، وقد عمل من أجل تحقيقها في حياته، وقد حقق الكثير منها، وجند من أجل غاياته وأهدافه عشرات الرجال، الذين سيحملون الراية من بعده، وسينفذون ما عصي عليه تنفيذه، ولكنه استشهد وهو يقول أن (إسرائيل) ستعيد حربها على غزة، وستعتدي على القطاع من جديد، ولن تتوقف (إسرائيل) عن غيها، ولم تدفن أحلامها، بل مازالت تتطلع إلى كسر المقاومة والنيل منها، ولكن الشهيد -بإذن الله- يؤمن بأن المقاومة ستستمر وستنتصر، وسيتواصل الجهاد وسترتفع راياته، وستبقى الراية مرفوعة بطهرها ونقاءها جهادُ نصرٍ أو استشهاد.

المصدر: موقع كتائب القسام
  • 1
  • 0
  • 7,050
  • nada

      منذ
    نسائل اللة سبحانة وتعالى الجنة لكل فلسطينى شهيد وكل من مات فى سبيل اعلا كلمة اللة سبحانة وتعالى
  • الشافعى احمد

      منذ
    فضيله الشيخ الوالد الحبيب ابى اسحاق الحوينى شيخنا وحبيبنا كيف حالك وكيف هى صحتك لقد تابعتك الحلقه الماضيه من برنامج فضفضه يوم الاربعاء الماضى وعلمت انك مريض وتعانى من مرض ما انا لا اعرفه وقلت ان لم تذهب وتسافر الاسبوع القادم للعلاج سوف تحضر يوم الاربعاء فى ميعادك وميعاد الحلقه اسئل الله لك الشفاء والعافيه وان يشفيك من كل مرض ظاهر او باطن وان يتم عليك الصحه والعافيه هنا عندنا وبيننا فلا تسافر ولا تذهب هناك ويجعل شفائك سهل هين بحوله وقوته انه سبحانه ولى ذالك والقادر عليه وان شاء الله لن تسافر ولن تحتاج الى السفر شفاك الله وعافاك واتم شفائك على خير وكما تحب وترضى
  • العبد الفقير لله

      منذ
    بسم الله االرحمن الرحيم أسال الله العظيم رب العرش الكريم أن يغفر الله الذنوب و يتوب عليه و يرحمه و ان يدخله جنان الفردوس الأعلى لن يحرر الأقصى و فلسطين إلا أولا بتقوى الله سبحانه و تعالى ثم الجهاد في سبيل الله اللهم أنصر المجاهدين في كل مكان آآآآآآآآآآآمـــــيـــــن
  • الشافعى احمد

      منذ
    فضيله الامام ماهر المعيقلى كيف حالك يا امام منذ زمن وانت لا تصلى فى بيت الله الحرام بارك الله فيك يا امام رضى عنك وغفر لك وتولانا وتولاك برحمته وفضله وكرمه قال سبحانه هل اتاك حديث الغاشيه وجوه يومئذ خاشعه عامله ناصبه تصلى نار حاميه تسقى من عين انيه ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع وجوه يومئذ ناعمه لسعيها راضيه فى جنه عاليه لا تسمع فيها لاغيه فيها عين جاريه فيها سرر مرفوعه واكواب موضوعه ونمارق مصفوفه وزرابى مبثوثه وجهان يحشر الله عليهما الخلق يوم القيامه قال سبحانه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وقال ايضا وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره ووجوه يومئذ باسره تظن ان يفعل بها فاقره وقال سبحانه وجوه يومئذ مسفره ضاحكه مستبشره ووجوه يومئذ عليها غبره ترهقها قتره اولئك هم الكفره الفجره وجوه فى هذا اليوم يا امام ناضره مسفره مستبشره ضاحكه ناعمه الى ربهاوخالقها ناظره الى الخلد والخلود ووجوه كذالك فى هذا اليوم خاشعه عامله ناصبه مسوده عليها غبره ترهقها قتره فى ذل وهوان وحميم وجحيم وصراخ وعويل وبكاء لا يخفف عنها العذاب ايضا الى الخلدوالخلود وكل ذالك من اجل ساعه واحده يحيون فيها فى هذه الدنيا بل ان الدنيا والحياه الدنيا بنعيمها وزخارفها وملكها وشهواتها وملذاتها ومصائبها وانكادها وهمومها واحزانها وتعاستها وشقائها كل ذالك عند الله ساعه واحده ثم تنفض وتنهتى وترحل باهلها ومن فيها الى ربها خالقها وبارئها سبحانه وتعالى فمن اجل هذه الساعه يشقى ويتعس هؤلاء فى الجحيم والعذاب ابد الابدين وينعم ويسعد ويتقلب هؤلاء فى النعيم المقيم ابد الابدين يوم اذا بدا اوله فليس له نهايه ولا منهتى ولا مستقر كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول عندما حضرته الوفاه ليتنى اخرج من الدنيا كفافا لااجر لى ولا وزر وكان يقول ليت ام عمر كانت عقيما

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً