مشاهد حقيقية

منذ 2010-03-05

{وجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ . وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ . وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}


حاكم لإحدى الدول المسلمة حارب الشريعة ورفع لواء العلمانية، وأذل العلماء، ونشر الرذيلة وحارب الفضيلة، اغتر في ذلك بقواته وحراسه وأعوانه ومن زينوا له أعماله، وظل على ما هو عليه، حتى دخلت عليه جماعة فجأة، ووصلوا إليه بكل سهولة، نظر إلى الحراس، فلم يجيبوه، نادى أهله فلم يسمعوه فوالله ما تركه من دخلوا عليه إلا جثة هامدة، ولم يكتفوا بهذا فحسب بل والله أخذوا معهم أعز ما يملك، أخذوا روحه التي بين جنبيه ولم يتركوا له إلا الحسرات، وما كان من أهله بعدها إلا أنهم وضعوه بأنفسهم في التراب وتركوه ورحلوا ... والله ثم والله إنها الحقيقة، فأين التجبر وأين التكبر يا جبارين .

{حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100].

 

أخ لنفس الحاكم في إحدى الدول المجاورة سبقه بسنوات قليلة أعدم الدعاة ونشر الاشتراكية، وأظهر بغضه للإسلام علانية، وعرفت دولته في عصره وفي عصره فقط معنى السفور والعري العلني والفضائح الأخلاقية التي لم تنتشر في دولته في عصر من العصور بمثل ما انتشرت عليه في عصر هذا الرجل، ثم كانت سنته سنة ماضية، وإن بدأت تقل .

وبعد حرب طويل للإسلام وتفرغ لمصارعة الحق، ضاعت هيبته وانكسرت دولته ثم دخلت عليه نفس الجماعة التي دخلت على أخيه فلم يتركوه والله إلا جثة هامدة فلم ينفعه والله أعوان، ولا جماهير تنادي باسمه ولا حراس ولا أهل ولا جاه ولا سجون، والله ما تركوه إلا جثة هامدة، فيالله العجب أين عقول الناس من هذا، بل أين هذا الرجل وأين باقي أعوانه الآن، فعلوا ما فعلوا، وملئوا الدنيا صياحاً وضجيجاً كأنهم خرقوا الأرض وبلغوا الجبال طولاً وبقي عليهم أن يصرعوا أهل السماء فوالله كانت النتيجة أن وضعوا في موضعهم الحقيقي .... أين ؟؟؟ في التراااااب !!!!

{وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء:37].



ممثلة اشتهرت في العالم العربي بأدوار الإغراء، ضجت بحسنها الشاشات العربية سنوات طويلة، وتغنى بجمالها ودلالها القاصي والداني، علاقات وآهات وأحضان وقبلات، أفلام ومسلسلات، وجرى بها العمر، لم تتعظ، لم تتب، حتى جاءها نفس الزوار، تركوا جثتها لأهلها واصطحبوا معهم روحها، فأين هي ؟؟؟ أما الجسد ففي التراب وأما الروح فتنتظر الحساب .

{وجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ . وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ . وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ . لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق:19-22]



ممثل اشتهر بأدوار القوة والفتوة والعنفوان، كانت ترتمي تحت قدميه النساء التافهات، لقطات وأحضان وقبلات، ولحظات ساخنات، معجبون ومعجبات، سكر وملذات، شهرة ملأت الشاشات، ثم ... وبلا مقدمات جاءت نفس الجماعة، اصطحبت الروح وتركت الجسد، ولم يملك الأهل إلا التراب ليضعوا فيه ميتهم .

فأين أنت وأين من كانت تتباهى بزواجها منك لأيام معدودات ؟
ذهبت اللذة وبقي الحساب ووالله لن ينفعك المعجبون ولا المعجبات ولا الأهل ولا الًأصحاب ولا الأحباب
{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ . مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ . بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ . وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ . قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ . قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ . وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ . فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ . فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ . فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصافات:24-33]


مغني مشهور ملأ صوته الأسماع وانطلقت بغنائه كل شاشة ومذياع، شهرة ملأت الأفاق، وغره أهل المصالح والنفاق، كما غروا غيره فما راعي لله حقاً ولا عمل ليوم التلاق .

وجاءه نفس الزوار..
أين هو الآن، أين الشهرة وأين وأين .... {َيا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:33].

شاب والله أعرفه، جلست معه جلسة، فما كررتها، كعادة الشباب في هذا الوقت أيام الجامعة.. سهرنا حتى الفجر، فما كان حديثه إلا في الغيبة وسير الفتيات، هذه غرها فلان وهذه تحب فلان، ثم يتباهى بأنه ما دخل المسجد في حياته إلا مرة واحدة يوم جمعة، وصل متأخراً فما لحق إلا ركعة وسلم مع المصلين فلم يتم صلاته فتعجب من بجواره من فعله، تذكر الشاب وضحك ليضحك من حوله، استأذنت عند الفجر وذكرتهم بالصلاة وانصرفت وانصرف من معنا، أما هو فظل على حاله .

حتى والله كانت المفاجأة التي عقدت الألسنة وأذهلت الجميع، إنهم الزوار، جاءوه فجأة بلا استئذان، لم يستعد وكان يتباهى بذلك ظناً منه بأن الأجل بعيد والحياة طويلة وهو لازال في مقتبل العمر.


والله أخذوا روحه فجأة دون مقدمات، لا مرض ولا تعب ولا وهن، أخذوا روحه وذهبوا وتركوا جسداً كاملاً في عمر الزهور. ذهب ولم يركع لله إلا ركعة واحدة في صلاة ناقصة لم يتمها .

يا ترى ما حاله الآن، أيود لو أتم صلاته، وصلى ما بعدها دون انقطاع ؟
بالتأكيد .

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً . وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} [الفرقان:27-30].

فتاة ملأت الدنيا نشاط وحيوية وعنفوان وانطلاق، في المرحلة الثانوية، بدون أي مقدمات جاءها نفس الزوار فاصطحبوا الروح وتركوا الجسد، بلا مرض ولا تعب، والعجب كل العجب، معظم شباب المنطقة يدعي أنه لها اصطحب .

فأين هي من صحبتهم وأين هي من شبابها وانطلاقها ؟؟!!!! أين هي من أيام الشباب، و أي صحبة الآن تصطحب .
{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ . خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ . إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً . وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً . فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً . وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً . فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [سورة الواقعة:1-9]

وفي المقابل :
فهذه ممثلة شابة اشتهرت وملأت السمع والبصر ثم أبصرت طريقها فاستعاذت بربها من عدوها واستقامت على طريق ربها، وسبحان ملك الملوك، لم تنتظر كثيراً حتى أرسل لها جماعة الموت بقيادة ملك الموت فقبضوا الروح إلى حبيبها وبقي الجسد الطاهر شاهداً على صدق توبتها، فكان فرح في السماء بإذن الله يوم صعدت وكان فرح في القبر يوم زفت العروس إلى جنتها، فيالها من خاتمة .


وهذا داعية ثبت على الحق وأبى أن ينجني للباطل فقتله البطالون، وأسرعوا بزفافه إن شاء الله إلى الفردوس وقد أقبلت جماعة ملك الموت تزف العريس، ومعهم أكفان الجنة وحنوطها إن شاء الله، ففرحت السماء بقدومه كما فرحت الأرض بجنة جديدة فيها .



وهذا عالم رباني علم الدنيا، وملأها علما وتواضعاً وزهداً، أفاد القاصي والداني بعلمه ومروءته، فتاواه تملأ السمع والبصر وعلمه لازال في قلوب الطلاب و إرثه لازال يدرس نهراً جارياً لا ينزف .
أتاه ملك الموت ومن معه فزفوه وزفته الدنيا كلها معهم، وبدأ الموكب من كعبة الله المشرفة، فامتلأت مكة وارتجت بأهلها .

وما هي إلا أيام قلائل في عمر الزمن إلا ولحق به صاحبه، وقبلهما انزوى كوكب دري آخر من كواكب الأرض في بلد بعيد .
قدموا ليومهم الموعود، فما نسي أهل الأرض حسن صنيعهم، ولا غفلوا عن جميل فعالهم .

فكما كانوا رحمة على أهل الأرض نحسبهم في رحمة من في السماء .

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . ذَوَاتَا أَفْنَانٍ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . مُدْهَامَّتَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [سورة الرحمن:46-78]


وأخيراً اللهم نسألك حسن الخاتمة ..

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

أخوكم أبو الهيثم

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 11
  • 0
  • 15,535
  • kareem alkazak

      منذ
    أحسن الله اليكم ونفع بكم
  • nada

      منذ
    مقال رائع جدا
  • مروة قبانى

      منذ
    جزاكم الله الف خير ورينا يجعلنا واياكم ممن تزفهم الملائكة الى الله وتفرح الارض بإحتضانهم ويفتخر الله بهم بين الخلائق واسأل الله الثبات لى ولكم ان شاء الله ودعواتكم لنا بكل خير
  • nada

      منذ
    جزى الله الشيخ خير الجزاء وجعلهاالله فى ميزان حسناته

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً