16 مارس أيها الناس !
الواجب اليوم إنتهاض الهمم للتحرك ضد هذه الأسباب ، بدعم المقاومة في فلسطين ، وروح الجهاد في الأمة ، لكي تطهّر بلادها من المستعمر الحامي لهذا السرطان الصهيوني .
لم يكن ما نشرته صحيفة ( هآرتس ) بتاريخ 9 ديسمبر 2009م، من الإرجـاف
بالشروع في بناء ما يسمى ( الهيكل الثالث )، الذي يسمونه ( بيت همقداش
) أي بيت المقدس، وهدم المسجد الأقصى المبارك في الـ16 من مارس 2010،
زاعمة أنَّ أحد الحاخامات - هلك في القرن الثامن عشر - تنبـَّأ بحدوث
ذلك متزامنا مع تدشين معبد حوربا - الخراب بالعبرية - الكائن في الحي
اليهودي في القدس، والذي ستنتهي الحكومة الصهيونية بالفعل من إعادة
تشييده في 15 مارس الجاري،
لم يكن سوى تهيئة الأجواء لقبول ما هو أقـل من ذلك على طريقتهم المعهودة في تضخيم الإجـرام، أو التهويل بالعظائم، أو المطالبـة بالمستحيل، حتى إذا وقـع ما لم يكن متوقعا مما هو دونـه، هان علينا، ورضينا به !
وقد لعبوا بهذا الخداع دهـراً، ومن الأمثلة على هذا احتلالهم سيناء،
حتى تكون الطعم الذي يتنازلون عنه لابتلاع مصر بأسرها، ثم تحولها إلى
حارس للكيان الصهيوني، وإلى أحد أهم عوامل بقائه، وقد ابتلعوا نظامها
الرسمي كلَّـه حتى (مفسيه) الذي توجع الصهاينة على فقـده، وكيف لا ؟
وهو الذي لم يمرِّغ كرامة الأمـَّة في لباس الدين مثلـه منذ عقود
!
ومثـل هذا ترويجهم الدعاية لهدم المسجد الأقصى، حتى إذا طالبوا
بتقسيمه كما فعلوا بمسجد الخليل، هان على الناس وقبلوه !
حتى إذا مـرَّ على هذا زمن واعتاده الناس، انتقلوا إلى مرحلة أعلى،
وهكذا لا تنتهي إلاَّ بهدمه، وبناء الهيكـل على أنقاضه .
وقـد أعـدُّوا لهذا الهدف الخبيث، جميع المخططات اللازمة، من المجسم
المعماري، إلى أثواب الحرير التي يرتديها الحاخامات في الهيـكل
المزعوم، مرورا بالبقرة الحمـراء!
وفيما يلي برنامج الصهاينة هذا اليوم، والإثنين، بينما برنامج الأنظمة
العربية المعتـاد هـو : تقريب المنافقين، والتجسس على المعارضة،
وقمعهـا، وتوسيع السجون لهـا، وملاحقة المجاهدين - الإرهابيين -
والإنشغال بنهب الثروات، وتهيئة الأجواء لتوريث الحكـم، وتوجيه
المفتـي لإعداد الفتاوى المخدرة للشعوب، وإشغال المؤسسات الدينية
الرسمية بالتسبيح بحمد الزعيم، والتأمُّـل في إنجازاتـه العظيـمة
بسـوق قطعان المبايعين لجلالته، أو سموه، أو دولته، أو لعنته، إلى
هلاكهـم بسـلام !
فيما يلي برنامج الصهاينة : فهـذا اليوم الأحد 14 مارس، سيعلن
الصهاينة يوما دراسيّاً تهويدياً مطولاً، يتـمّ فيه إدخال ما يُسمى
سفـر ( التاناخ ) إلـى (كنيس الخراب) بمشاركة ( الربانيم ) المركزيين،
وسيبدأ البرنامج العاشرة صباحا هذا اليوم، وسينتهي الثامنة ليلاً
.
ثم يوم الإثنين - غدا - سيعلن الإفتتاح الرسمي لـ (كنيس الخراب )،
بتحضيرات ضخمة، وغير مسبوقة، يحضرها عددٌ كبيرٌ من رجال الدين،
والسياسة الصهاينة، مـن الساعة الخامسة مساءا، وحتى الساعة الثامنة
والنصف، ويلقي فيها سياسيون وحاخامات كلمات تحميسيّة، مع عروض
سينمائية عن تاريخ ( كنيس الخراب ) .
وهذا الكنيس الضخم الذي يُسمَّى كنيس الخراب، هو أضخـم كنيس صهيوني في القدس، وقـد استغرق بناؤه 4 أعوام، وكان ذلك على حساب المسجد العمري مع أرض وقف إسلامية، تم الإستيلاء عليها من حارة الشرف.
وقد نشرت مواقع إلكترونية للصهاينة، باللغات المشهورة، إعلانات دعائية
لجعل يوم 16 مارس أي يوم الثلاثاء، يومـا عالميّا لبناء الهيكل
المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .
هذا ولم تكن الإقتحامات الجماعية للمسجد الأقصى، التي تكرَّرت في العامين الماضيين، والقيام بطقوس الصهاينة الدينية، لاسيما في الناحية الجنوبية الغربية للمسجد المبارك، إلاّ مقدمة لقضم هذه الناحية لإقامة معبـد صهيوني داخل المسجد الأقصى، في طريـق العمل بخطـة بناء الهيكـل على كامل المسجـد.
ولا ريب أنَّ الصهاينة ينظرون إلى هذا العام إلى أنـَّه عام حاسم
لقضيّتيـن همـا : القدس، والمسجد الأقصى، وهم يرون الفرصة سانحة فيه
لإنهاء هذين الملفين، وإلغاء كلِّ حق للمسلمين فيهـما، وذلك لعدة
أسباب :
أحدها : نجـاح مشروع صهينة السلطة الفلسطينية بقيادة عباس، وأجهزتها
الأمنية، نجاحـاً فاق التصور، حتى إنَّ دايتون لايخفي صدمته من هذا
النجاح في شـلّ المقاومة في الضفة الغربية بوسائـل وحشـيّة لم يكن
الصهاينة أنفسهـم يجرؤون عليها !
الثاني : توفر أحـطّ، وأخون حثالة من الزعماء العرب على سدة الحكم في
الدول العربية، الذين سخَّروا كلّ ما لديهم من وسائل القوة لقمع ثقافة
المقاومة، والخطاب الجهادي في الأمّـة، وتعزيز ثقافة القطـيع فيها
.
الثالث : انتشار خطاب ( الدياثة الفكرية ) في علماء السوء أولئك الذين
يضفـون الشرعيـة على أنظمة الحكم العربية الخائنة، وعلى بطانتها
المليئة بقيح الخيانة، ويختصـرون مهمِّة الشعوب في الخضوع التام (
لولاة الأمر ) ! وقضاء الأعمار في التهام شعيرهـم !
وكذلك في مفكري ( التخنُّث الثقافي )، على مستوى لم يعهد مثله في منذ
قيام الكيان الصهيوني، مما أصاب حماسة شرائـح كبيـرة من الشعوب،
وتفاعلها مع قضايا الأمَّـة بالوهـن.
الرابع : الوجود العسكري الصليبي الحليف للصهاينة بحجم لم يسبق مثـله
في التاريخ حول الكيان الصهيوني في المنطقـة باحتلالهم الشريط الخليجي
مع العراق .
الخامس : تكرار الصدمـات بانتهاك المقدَّسـات أورث استمراءً منكرا في
الحالة الشعبية، منذ احتلال دار الخلافة في بغداد، إلى النهج
المنظـَّم بإطلاق الحملات التشويهية ضد الإسلام، والقرآن، والنبيِّ
محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بهـدف إضعاف ردة الفعل الإسلامية فيما
لو هدم المسجد الأقصى.
ولهذا فالواجب اليوم انتهاض الهمم للتحرك ضد هذه الأسباب، بدعم
المقاومة في فلسطين، وروح الجهاد في الأمة، لكي تطهّر بلادها من
المستعمر الحامي لهذا السرطان الصهيوني .
وبكشف زيف الخيانة في الأمة، وذلك بإلباس الخائن لباس الخيانة،
والأميـن على كرامتها رداء الأمانة، فإنَّ هذا هو النهج القرآني في
تربيّة الأمة، حتى إنَّ الله تعالى أنزل في شأن من صلَّى عليه النبيُّ
صلى الله عليه وسلم : { وَلا تُصَلِّ
عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ
إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ
فَاسِقُونَ }،
وحتى إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : «
» رواه أبو
داود .
وليـت شعـري أنـَّى لأمـّة النهوض، وهي في عمايـة ترى الخائـن أمينـا،
وتسمّى الأميـن خائنا !
نقول هذا .. مع أننا برى بحمد الله تعالى إرهاصات النهضة الإسلامية
المباركة تعـلو نارها، وجحافل الجهـاد يسمو منارها، وثقافة المقاومـة
يشـتد أوراها، ومهما علا كيـد الصهاينة، فإنهـم إلى مصرعهـم يقتربون،
وإلى نهايتـهم يدنون، وسيهلكهـم الله هلاكـا، وبإذن الله تعالى سيكون
ذلك وشيكـا،
وعلى الله توكلنا هو حسبنا، نعم المولى، ونعم النصيـر .
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف:
nada
منذأبو حمزة
منذأم عبد الرحمن
منذتفجيرات مراهق
منذأحمد منصور
منذ