أليس دعاؤنا دعاء الغافل عمّا به يقرّ؟!
أم هانئ
وهاكم السؤال: هل تأملت:كم اسم من الأسماء الحسنى تقرُّ به وتتعبد بمقتضاه لله حين الدعاء؟
- التصنيفات: الأسماء والصفات -
أبدأ مستعينة بالله سائلته التوفيق والسداد بتوجيه سؤال من الأهمية بمكان، كم فوجئت حين حاولت الإجابة عليه بما لم أكن منتبهة له، كما وأني أكيدة من عدم إحاطتي بما يستوجبه مقام هذا السؤال من معان جليلة.
وهاكم السؤال: هل تأملت: كم اسم من الأسماء الحسنى تقرُّ به وتتعبد بمقتضاه لله حين الدعاء؟
- حين نحاول الإجابة عن هذا السؤال قد نعلم ما السبب فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح الترغيب والترهيب برقم: 167).- حين الدعاء نحن نقرّ بتوحيد الربوبية؛ فالرب هو الذي يُتوجه إليه لقضاء الحوائج.
- وحين الدعاء استجابة لأمره تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] نتألهه بطاعة أمره وهذا من توحيد الأولوهية.
- وحين الدعاء نجد لسان حالنا وقالنا بل وقلوبنا تتعبد للرب الإله بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العلا وهو توحيد الأسماء والصفات.
تفصيل ما سبق: ندعوكم إلى تأمل كم الأسماء والصفات التي نقر بها لله حال الدعاء:
1- الرب: لأننا نطلب منه فهو مربينا فله الخلق والملك والتدبير.
2- الله الإله: لأننا نتعبد له بالدعاء مؤلهين له سبحانه.
3- الواحد الأحد: لأننا نوحده بالطلب.
4- القدير: لأننا لا نطلب ممن لا يقدر.
5- الغني: لأننا لا نطلب من الفقير.
6- الكريم -الجواد -المعطي: فما نفعل بغني يبخل.
7- الودود: يحب التودد إلى خلقه بنعمه وأفضاله، ومنها إجابة دعواتهم إن شاء.
8- النافع: يحب نفع عباده سواء أعطى السائل مسألته أو حجبها، فهو سبحانه يختار الأنفع لعباده بلا شك.
9- الطيب: لأنه طيب يستجيب الدعاء، ويعطي كل ما هو طيب.
10- الحكيم: يعطى لحكمة أو يمنع لحكمة بلا شك.
11- الجميل: في عطائه وحتى فى منعه بلا شك.
12- العلى، الأعلى، المتعال: لاتجاه القلب جهة العلو عند الدعاء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10].
13- العليم: يعلم بحالي ومن أنا وما أريده دون حاجتي لتفصيل: فلا أقول مثلاً: أنا يا رب فلانة من البلد الفلاني التي عندها البلاء الفلاني: ارفعه عني يا رب، بل يكفيني قول: اللهم اكشف عني البلاء.
14- الواسع: الله سبحانه وتعالى واسع يسع خلقه كلهم بالكافية والإفضال والجود والتدبير، فالله هو الغني الذي وسع رزقه جميع خلقه، فلا تجد أحداً إلا هو يأكل من رزقه، ولا يقدر أن يأكل من غير ما رزقه، ووسعت رحمته كل شيء وغناه كل فقر، وهو الكثير العطاء الذي يسع لما يُسأل، وهو المحيط بكل شيء كما في قوله تعالى: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [طه:98].
15- السميع: فلا يعقل أن ندعو أصمًا؛ فالحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، حتى إن دعوته خفية.
16- البصير: يرانا حين دعائنا.
17- الحي: لا يعقل أن ندعو ميتًا.
18- الشهيد: فلا ندعو غائبًا.
19- القريب: نناجيه بالدعاء لقربه سبحانه.
20- القيوم: يقوم سبحانه وتعالى على أمر خلقه.
21- لا يغفل: تخيل لو غفل من تدعوه عن دعائك، وأنت فى أمس الحاجة إليه يا ضيعتك!
22- لاينام: ولا حتى يَسِنَ سبحانه؛ لاحتياج خلقه إليه، وضياعهم بدونه ولو طرفة عين.
23- لا يضلّ: فلا يعطى مسألة فلان لفلان سبحانه.
24- لا ينسى: تخيل تدعوه فينسى مسألتك -حاشاه ثم حاشاه!!
25- القوى -العظيم -السيد -الملك: ندعو الملك مالك كل شيء وسيده العظيم القوي وكل ذلك من لوازم ربوبيته وألوهيته جل جلاله.
26- عنده خزائن كل شيء: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر:21] لك أن تطلب كل ما تبغى الكريم سيعطيك إن شاء، لاحِظ حتى المعنويات لها خزائن عند الله: فمثلاً: نسأله من خزائن الحكمة -البصيرة -العافية -البركة -السعادة -الرضى -النوم.
27- الرزاق -الوهاب: تسأله فيرزقك - تستوهبه فيهبك إن شاء سبحانه.
28- اللطيف: هو خفي عنا يلطف ويتلطف بنا فى كل أحوالنا سبحانه.
29- المجيب: يستجيب -سبحانه- دعاءنا على كل حال إما:
- بإعطائنا ما سألنا.
- أو بدفع بلاء يعادل الدعاء.
- أو بادخارها لنا حسنات يوم القيامة.
30- الصمد: الذي يقصده الخلق بالسؤال.
*** ولا أنسى أن أقول: إن محض التوجه لله بالدعاء هو إقرار منا بوجوده سبحانه وتعالى وعز وجل.
كل ما سبق عنّ لي يومًا وأنا أتوجه إليه سبحانه بالدعاء، ولا أدعي أنني أحطت بكل المعاني التي يحتويها هذا الموقف بين العبد وربه بل هذا ما فتح الله به عليّ.
وبعدُ:
- هل عرفتم لمَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »؟
- وهل عرفتم السبب فى عدم دعاء الكافرين لرب العالمين؟
- هم فهموا ما يتضمنه الدعاء من إقرار لله بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات؛ فاستكبروا وأبوا الدعاء لعلمهم أنه عبادة؛ فقال الله لهم فى كتابه العزيز: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].
- هل علمنا ما علمه الكفار من لازم الدعاء وما غفلنا عنه رغم كثرة دعائنا؟!
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه بكل جميل كفيل، هو مولنا ونعم الوكيل.