مع القرآن - خَلَقَكُمْ

منذ 2016-04-20

خلقكم؛ وخلق لكم كونا هائلا؛ عظيم الأبعاد والتراكيب؛ ذلل لكم كل ما في الكون بما في ذلك النور والظلمات.. النجوم والكواكب والسماوات المعتمة شاسعة المساحات بعيدة المسافات.

وبرغم ذلك كفر معظمكم واختاروا غيره ليعبدوه بما في ذلك عبادة هواهم وملذاتهم؛ حتى الشيطان عبدوه.

خلقكم من طين وجعل رحلتكم على الأرض مؤقتة وجعلكم شهوداً على انتهاء رحلتكم على الأرض.

يومياً تودعون مغادراً وتستقبلون وافداً؛ ثم ضرب للجميع موعداً لا يعلمه إلا هو يجمعهم ليحاسبهم ويجازيهم وبالرغم من شهودكم بأم أعينكم على كل هذا تكذبوه. يا لظلم الإنسان.

اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك واجعل خير أيامنا يوم نلقاك فيه.

قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ؛ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}[الأنعام:1-2]  .

قال السعدي في تفسيره: هذا إخبار عن حمده والثناء عليه بصفات الكمال، ونعوت العظمة والجلال عموما، وعلى هذه المذكورات خصوصا. فحمد نفسه على خلقه السماوات والأرض، الدالة على كمال قدرته، وسعة علمه ورحمته، وعموم حكمته،وانفراده بالخلق والتدبير، وعلى جعله الظلمات والنور، وذلك شامل للحسي من ذلك، كالليل والنهار، والشمس والقمر. والمعنوي، كظلمات الجهل، والشك، والشرك، والمعصية، والغفلة، ونور العلم والإيمان، واليقين، والطاعة، وهذا كله، يدل دلالة قاطعة أنه تعالى، هو المستحق للعبادة، وإخلاص الدين له، ومع هذا الدليل ووضوح البرهان {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أي يعدلون به سواه، يسوونهم به في العبادة والتعظيم، مع أنهم لم يساووا الله في شيء من الكمال، وهم فقراء عاجزون ناقصون من كل وجه.

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} وذلك بخلق مادتكم وأبيكم آدم عليه السلام.

{ثُمَّ قَضَى أَجَلا} أي: ضرب لمدة إقامتكم في هذه الدار أجلا تتمتعون به وتمتحنون، وتبتلون بما يرسل إليكم به رسله.

{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} ويعمركم ما يتذكر فيه من تذكر.

{وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} وهي: الدار الآخرة، التي ينتقل العباد إليها من هذه الدار، فيجازيهم بأعمالهم من خير وشر.

{ثُمَّ} مع هذا البيان التام وقطع الحجة {أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} أي: تشكون في وعد اللهو ووعيده، ووقوع الجزاء يوم القيامة.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 0
  • 0
  • 2,040
المقال السابق
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ
المقال التالي
الكل خاضع لقهره

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً