اعترافات
محمد علي يوسف
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
لكي يزول عجبك وتدرك حقيقة التخلي الرهيب عن المباديء والشعارات التي يتشدق بها البعض ثم يلقونها عند أول محك مسارعين إلى نقيضها؛ لابد أن تضع في اعتبارك تلك الطبيعة النفسية الموجودة لدى جل البشر إلا المتجردين المنصفين وقليل ما هم!
إنها طبيعة ترفض الاعتراف الضمني بالخطأ وسوء التقدير ورداءة الاختيار أو حتى احتمالية ذلك.
طبيعة ملخصها؛ لا والله لم أخطيء قط، وخياراتي دوما كانت هي أصح الخيارات وأحكم القرارات؛ حتى لو صرخت كل الشواهد بالعكس وحتى لو حدث يوما وشهدت الخيارات نفسها على خطئها تصريحا لا تلميحا، فإنهم سيرفضون تلك الاعترافات وسيؤكدون أن الأمر ليس كما يبدو.
ببساطة لأن قبولهم لنقد خياراتهم قد يعني ببساطة أنهم قد أخطؤوا ابتداءً، يعني أنهم مضطرون لكلمات من نوعية: آسف... أخطأت... تراجعت... ندمت... إلخ
يعني أنهم قد يحتاجون كسائر البشر الطبيعيين للمراجعات والتقييمات وإعادة النظر في الأشياء، وهذا طبعا لا يليق بعصمتهم الضمنية ولا بذكائهم الباهر وحسن تقديرهم الأبدي.
لا يليق بلسان حالهم الذي يكاد يصرخ قائلا: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف:11]
الكلام للأسف ينطبق على سائر الاتجاهات.