د.محمد وسيم معاذ فخر الإنسانية
حسن الخليفة عثمان
لم تعرف الإنسانية يا سيدي في تاريخها فتحًا ينقشع به الظلام، ويسود به السلام، وينعم بالعدل فيه الأنام إلا بالمواثيق التي تُكتب بمداد دمائك الزكية ، وإشراقات روحك البهية.
- التصنيفات: الواقع المعاصر - أحداث عالمية وقضايا سياسية - قصص مؤثرة -
لم أشرُف بمعرفة أي من والديك المسلمين يا سيدي لكنهما باتا على رؤوسنا تاجًا، وعلى صدورنا وسامًا، فلقد كتبت دماؤك الزكية يا سيدي: إذا طاب أصل الشيء طاب فرعه. والله يا سيدي إني لأكتب حروف مقالك على مشقة من رؤية شاشة حاسوبي لما يفيض من عيني من غزير دمع الكبار؛ نعم يا سيدي فوالله ما عشنا بك إلا كبارًا ما انحنت هاماتنا يومًا لطاغية، وعهد وحق لك يا سيدي أن تمضي قافلتك وليس بها خائن لعهدك، ولا مضيع لحقك، ولا تارك لنُبلك.
أنت يا سيدي السيد الحي وقاتلوك دون جيف العبيد، أنت المحلق فوق الثريا وغادروك لم يبرحوا الثرى، أنت يا سيدي من يعلمنا بسمة النبلاء في وجه الردى، أنت يا سيدي صانع نهضتنا، ورائد مسيرتنا، ومداد حضارتنا، أنت يا سيدي خير من برّ والديه؛ ومنك نتعلم البر؛ أي أمٍّ هذه التي ربتك يا سيدي على أن تعانق الموت على أرض حلب في أحضان طفل لم يعد له من أهل الأرض سواك خير لك من أن تعانق زوجتك وولدك في فنادق أوروبا! أي أب هذا الذي غرس فيك مروءة حلّقت بروحك في سماء الخالدين!
لو مكث الفصحاء والعلماء يا سيدي يبذلون من الخطب والعظات من مهدهم إلى لحدهم ما بلغوا من توحيد هذه الأمة وجمع شملها ما بلغته دماؤك الطاهرة وروحك الزكية.
أي سمو هذا الذي كنتم تهيمون فيه في معاشكم وأنتم تسيرون بيننا الهوينى في حياتكم قناديلَ الحياة ومشاعلَ ضيائها! ثم تظعنون بأجسادكم وتخلفون ضياء أرواحكم لنحيا بسموكم على شواطئ نُبلكم.
لم تعرف الإنسانية يا سيدي في تاريخها فتحًا ينقشع به الظلام، ويسود به السلام، وينعم بالعدل فيه الأنام إلا بالمواثيق التي تُكتب بمداد دمائك الزكية ، وإشراقات روحك البهية.
يقول مؤسس منهج الطريق إلى الحكمة الدكتور علي شراب: "شتان بين من يكتب ليُعْلِم، وبين من يكتب لِيُلهِم"؛ وأنت يا سيدي اليوم المعلم والملهم دون كتابة ولا كلمات وإنما بشفافية ونُبل قلبك كما جاء في رحلة التغيير عند مؤسس المنهج "لن تقف الحياة عند حدود الكلمات؛ لأن شفافية ونُبل القلب أعظم من كل الكلمات".
كانت حياتك يا سيدي حياة لأطفال حلب واليوم رحيلك حياة لأمة يحترق أحرارها لاحتراق حلب؛ أمة يجتمع اليوم خيارها على نُبل رسالتك، وشريف غايتك، ورفيع رايتك.
أسأل الذي يستحي أن يرد عبده صفر اليدين إذا دعاه أن يأجرنا في مصابنا فيك ويخلفنا خيرًا، ويجعل روحك مع أولئك الذين "أرواحهم كطير خضر تسرح في أيها شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، فبينما هم كذلك إذ اطلع عليهم ربك اطلاعة، فقال: سلوني ما شئتم، فقالوا: يا رب، كيف نسألك ونحن نسرح في الجنة في أيها شئنا، فلما رأوا ألا يُتركوا من أن يسألوا، قالوا: نسألك أن ترد أرواحنا إلى أجسادنا في الدنيا، نُقْتلُ في سبيلك، قال: فلما رأى أنهم لا يسألون إلا هذا تُركوا".