إلى الخارجية المصرية..ماذا عن الدكتور عبد العزيز كامل؟

ليس ثمة شك في أن موقف الإدانة والاستنكار الذي صدر عن وزارة الخارجية المصرية بخصوص قتل مواطن مصري في لبنان والتمثيل بجثته يعد خطوة إيجابية تعكس بعضالاهتمام من قبل الخارجية برعايها بالخارج وهو الشئ الذي ربما يعيد للمصريين بعضا من الاحترام المفقود بعد طول إهمال وكأن المصريين ليس لهمصاحب.

-الإشادة خاصة بتحرك الخارجية المصرية لرجل لم تكتمل محاكمته وبسبب أن التنفيذ كان من الغوغاء وليس السلطات المعنية  وإلا فالمسلم اللبناني والمسلم المصري لافرق بينهما فالحادثة حادثة عين لا تقبل التعميم وكان نفس الاحتجاج ونفس المؤاخذات سنطالب بها لو حدث للرجل نفس الشيء داخل بلده-.

وعلى الرغم من أن القتيل المصري متهم بالأساس في قضية قتل واغتصاب إلا أنه يبقى أنه كان من حقه - رحمه الله - أن يحاكم محاكمة عادلة يلقى بعدها الجزاء الذي يستحقه لا أن يفتئت الناس وبشكل عشوائي على السلطة  ويحكمون وينفذون حكمهم على الرجل دون مراعاة لأية قيم وأخلاق دينية أونظامية  وعليه فإن الخارجية المصرية وغيرها من الجهات المعنية منوط بها أنلا تتوقف عن المطالبة بمحاسبة المسئولين عن اقتراف مثل هذا الفعل فهو بالأساس دفاع عن مبدأ يجب أن يلتزم به الجميع.

في هذا الإطار ومن هذاالمنطلق فإن من الواجب المؤكد أيضا ومن باب أولى أن تنتبه الخارجية المصرية إلى عشرات المصريين الشرفاء الذين تشملهم سجون بعض البلدان العربية دون ذنب اقترفوه أو تهمة معروفة والذين يأتي في مقدمتهم الدكتور عبد العزيزكامل المحاضر السابق بجامعة الملك سعود والكاتب الإسلامي المعروف وصاحب موقع لواء الشريعة الذي مثل برغم هذا الكم الهائل من المواقع الإسلامية إضافة فكرية كبيرة حيث تركزت موضوعاته على قضية تراجع الحديث عنها كثيراألا وهي قضية الشريعة الإسلامية وتطبيقها.

ربما لم تتح لي أو لغيري من الكتاب الذين عملوا في موقع لواء الشريعة فرصة الاحتكاك عن قرب بالدكتورعبد العزيز كامل غير أننا نزعم أننا تعرفنا على فكر الرجل ومنهجه من خلال اللقاءات القليلة التي جمعتنا من خلال ندوات مركز أجيال - الذي كان يرأسه- أو من خلال الاطلاع على كتاباته وأبحاثه التي كانت تنم عن رؤية عميقة وإخلاص متناهي ورغبة حقيقية في أن تخرج هذه الأمة المهزومة من النفق المظلم الذي دخلته لتعود إلى زاهر حضارتها وذورة مجدها وذلك بالتمسك بإسلامهاوعقديتها.

لم أكن وحدي الذي لمح ذلك الإخلاص في الدكتور عبد العزيز كامل لكنني أعتقد أن جميع من عرفه بلا استثناء استشعروا ذلك في الرجل وهو مادفع الجميع برغم قصر مدة استقرار الرجل في مصر إلى حبه واحترامه والنظرإليه باعتباره واحدا من قلة من المثقفين لم تلوثها قيم الانتهازية والنفيعة.

وكانت المفاجأة والصدمة عندما أعلن نبأ اعتقال الدكتور عبدالعزيز كامل خلال إحدى زياراته للمملكة السعودية التي لم يكن ينقطع عنها إذكان مازال وقتها عضو الهيئة الاستشارية لمجلة البيان السعودية غير أنالجميع ومن بينهم الرجل نفسه لا يعلم سببا وراء إتخاذ السلطات السعوديةلهذه الخطوة التي وبكل تأكيد لم تأت إلا لدوافع قوية جدا دفعت بالسلطاتالسعودية إلى أن تتجاوز عدة اعتبارات منها أن الرجل لا يحمل الجنسية السعودية وأنه يعاني من إعاقة شبه كاملة في قدميه ويحتاج إلى رعاية خاصةوأنه عالم جليل له احترامه وتقديره في بلد أعتقد أنه ما زال يقدر العلم وأهله خاصة الدعاة منهم.

وهنا تطرح الكثير من الأسئلة نفسها وتبحث عن منيجيب عنها ويأتي على رأسها .. ما الجرم الذي ارتكبه الدكتور عبد العزيزكامل حتى يتم اعتقاله طيلة هذه المدة التي وصلت إلى نحو 9 أشهر تقريباوبهذه الطريقة؟ وهل تم هذا الاعتقال بالتنسيق بين السلطات المصرية والسعودية أم أنه شأن خاص بالمملكة لا تعرف عنه مصر شيئا؟ وما هو الدورالذي لعبته مصر وخارجيتها بعد علمها بعملية اعتقال الدكتور سعيا وراء الإفراج عنه أو معرفة تهمته؟ وهل من القانوني أن لا يقدم الدكتور عبدالعزيز كامل للمحاكمة طوال هذه المدة كلها؟

أعتقد أن هذه كلها أسئلة مشروعة يجب أن ترد عليها وتعلنها بوضوح الجهات المعنية سواء كانت فيالمملكة أو في مصر غير أن السؤال الأكثر إلحاحا علي والذي لا يكاد يبارحذهني هو أين المنظمات الحقوقية في مصر من قضية الدكتور عبد العزيز إذ لم نربيان إدانة واحد أو مطالبة بإطلاق سراح الرجل أو الدعوة لتدخل الخارجية للاطلاع على ملف القضية وبحثها مع نظيرتها السعودية؟.. وفي المقابل أين رفقاء الشيخ من الدعاة والمشايخ والعلماء السعوديين بما لهم من ثقل وعلاقات في المملكة تمكنهم من الوصول إلى أعلى القيادات السياسية ليطلعوهم على القضية ويستفسرون عن مصير الشيخ الجليل؟

إن الخارجية المصرية ومن قبلها السلطات السعودية مطالبة وبسرعة أن تكشف عن تفاصيل قضية الدكتور عبد العزيزكامل فإذا كان متهما فعليها أن تكشف عن تهمته وتوفر له في نفس الوقت كلالظروف الملائمة لمحاكمته محاكمة عادلة ونزيهة وأن لا تتركه يواجه حكما يوميا بالموت خاصة وأن حالته الصحية تدهورت لدرجة كبيرة بعد أن أصيب بجلطةدموية إثر علمه بوفاة والدته المسنة التي ماتت كمدا وحزنا عليه.

كما أن على كل صاحب ضمير حي وقلم شريف أن يجعل من قضية الدكتور عبد العزيز نموذجا يختبر فيه قدرته على نصرة المظلوم والدفاع عن حق ضائع فيشارك وبكل ما أتيح له من فرصة في التضامن مع عالم مريض غيبته سجون القهر دون ذنب أو جريرة حتى يصل الصوت عاليا فيهز أركان الظلم وترى عيني الشيخ شمس الحرية.