بُشرَى الرحمن لأهل الشّام والجهاد والإيمان

منذ 2016-05-05

إن الله سبحانه، إذا أراد أن يُهلك أعداءَه ويَمحَقهم؛ قيّض لهم الأسبابَ، التي يَستوجبون بها هلاكَهم ومَحقهم ومِن أعظمها بعد كُفرهم؛ بَغيُهم وطغيانُهم، ومبالغتُهم في أذى أوليائه، ومحاربتِهم وقتالِهم، والتسلّط عليهم!

قال ابن القيّم رحمه الله: "إن الله سبحانه، إذا أراد أن يُهلك أعداءَه ويَمحَقهم؛ قيّض لهم الأسبابَ، التي يَستوجبون بها هلاكَهم ومَحقهم ومِن أعظمها بعد كُفرهم؛ بَغيُهم وطغيانُهم، ومبالغتُهم في أذى أوليائه، ومحاربتِهم وقتالِهم، والتسلّط عليهم!

فيتمحَّص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب مَحقهم وهلاكِهم .. وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ​ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:139-141].

فما بالكُم .. تَهنون وتَضعفون عند القرح والألم؟! 
فقد أصابهم ذلك في سبيل الشيطان .. وأنتم أُصِبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي" (انظر: زاد المعاد).

قلتُ:
وهذه سُنة الله تعالى، منذ قامت الدنيا، وإلى أن تُطوى الأرض، ويُعيدها سبحانه كما بَدأها .. التدافع والسّجال بين المسلمين والكافرين!

يَنالون منّا تارة، وننال منهم أخرى، ويَستعلون علينا تارة، ونقهرهم نحن أخرى، وبين ذلك نُكلَم ونُجرح ونُبتلَى ونُمحَّص .. ثم تكون العاقبةُ لنا والحمد لله!

ومهما طالَت دولتُهم علينا، فإنها قصيرةٌ مدحورة بإذن الله تحقيقًا لا تعليقًا!

ووسط هذه القُرَح والمِحن والتمحيصات:
قد تتسلّط بعضُ الألسنة الحِداد، بالسُّوء والهَمز واللمز، في حقّ المجاهدين هنا وهناك، مُستغلّين خسارةَ جولةٍ هنا أو أخرى هناك، ومُنتهزين فرصة خلافٍ دار بينهم، ونَفثة شيطانٍ تسرَّبَت خلالهم!

فوَافقَ شَنٌّ طبقة، وأتته الرّيح بما يَشتهي، وإليه يتشوَّف .. فلَعَن وسَبّ، وجزَر ومَدّ، وشمَتَ وهَـدّ، ونال من سادة الجهاد وأهلِه، أولياء الله المُتّقين. وهُم مَن هم .. وهو مَن هو!

فلْيَحذر مثله من هذه: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ} [الأحزاب:18] فإنها آية المُنافق!

ومهما يكن .. فهذه الأمَّة لا تُقهَر كلُّها والحمد لله، وإن خذَلها مَن خذَل، وصدَّ عنها مَن صدّ، ومَكر بها مَن مكَر، والطريق طويلة، والجولات كثيرة!

وقد أبَى الله إلا أن يُبقِي في الأمّة ولها؛ مَن يُنافح عن حياضها، ويَذود عن حُرماتها .. يَنصرهم الله وإن خذَلهم مَن خذَل!
= قال ابن تيمية رحمه الله: "فهذه الأمّة - ولله الحمد - ؛ لا تُقهر كلُّها! بل لا بدَّ فيها من طائفةٍ ظاهرةٍ على الحق، منصورةٍ إلى قيام الساعة، إن شاء الله تعالى" (انظر: المسائل والأجوبة).

فبُشراكم أهل الشام!
لا تَحسَبوه شرًّا لكم بل هو خيرٌ لكم!
فاستَبشِروا بِبيعِكم الذي بَايعتم به وذلك هو الفوزُ العظيم!
عمَّا قليل .. يَنجلِي الغُبار، ويُكشَف الدِّثار، ويُفرَّج الهَمّ، ويَذهب الغَمّ، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله!
فسَلام الله على الشام، وأهلها، وعلمائها، وصالحيها، ومُجاهديها!
ونصر الله عبادَه المجاهدين، القائمين على كلّ ثَغر، وسدَّد رَميهم في سبيله، وأقرّ الله أعيننا بنُصرة الإسلام، وعزّ الموحّدين!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 2
  • 0
  • 3,017

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً