(36) وحدث في المسعــى
أم هانئ
وبين العلمين الأخضرين تذكرت أم اسماعيل عليها السلام: كيف كانت تسعى حثيثا في ذلك المكان!!
- التصنيفات: تربية النفس - قصص مؤثرة -
تقول صاحبتنا:
ثم توجهنا للمسعى، وهناك زوج أختنا فقدنا، وسعينا ببطء؛ لأنني كنت وأبي نسير على مهل. لم يكن المسعى شديد الزحام، إلا أنني عانيت من شدة الآلام!
كنت وأبي كثيرًا ما نجلس لنلتقط الأنفاس، بينما ودت رفيقتانا الانطلاق سريعًا مع الناس، فتعذرت لهما بأن هذا ما نطيق، فمن شاء فلينطلق وحده بلا ضيق!!
واضطرهما عدم معرفتهما بالمناسك إلى الانتظار، إلا أن أمي كانت من بطئي وأبي دائمة الملال والإضجار!! وكما حدث في الطواف من قبل، شُغلت برُفْقتي عن التأمل بادئ الأمر. وكنا وقت السحر وقد قرب الفجر، وداخلني شعور بأنها ربما كانت ليلة القدر!!
فسألت الله العون، واستطعت خفية الدعاء بدمع، وملأني شعور بالسلام، وتذكرت حينها خليل الرحمن: كيف رفع الأذان بالحج، وكيف أبلغه القدير إلى بقاع الأرض، وبين العلمين الأخضرين تذكرت أم اسماعيل عليها السلام: كيف كانت تسعى حثيثاً في ذلك المكان، وقارنت بين حالي وحالها: هـا أنا بالكاد أقوى على القيام بفعلها رغم أنني مستظلة، أسعى على طريق ممهدة، حولى الأجواء مبرّدة، إن شئتُ جلستُ، وإن عطشتُ شربتُ، خالية البال، لا أحمل همًا فوق الاحتمال!!
فطفقت أردد: رحمك الله يا أم اسماعيل كثيرًا؛ كم كان سعيك بين الجبلين شاقًا طويلاً!!
وكنت أتكلف مع القوم صعود الجبلين، نردد الدعاء والذكر المسنونين!
وفي الأخير: وقبيل أذان الفجر بوقت قصير أنهينا السعي بفضل من ربنا القدير، ثم حلق أبي شعره ألبتة، بينما قصرت كل منا قدر أنملة عند المروة.
لا أذكر هل تسحرنا على غير الماء، إلا أنني أذكر ما كنت فيه من شديد الرضا والانتشاء!!
ويتبع.