فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ
القدوة هي منزلة الرُسُل والأنبياء، وهي المهمة الأسمى والوظيفة الأعلى والغاية الأرجى على الإطلاق.
الاقتداء.. هو طلب موافقة الغير في فعله، قيل: المعنى اصبر كما صبروا. يقول الله جلّ في عُلاه: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90].
في تلك الآية المُباركة كان أمر للنبي الله محمد صلى الله عليه وسلّم بالاقتداء بغيره من الأنبياء الذين ذُكِروا في الآيات ليكون النبيّ صلى الله عليه وسلّم كسليمان وداود واسحاق ويعقول وأيوب ويوسف ويونس عليهم وعلى نبيّنا الصلاة والسلام.
الاقتداء بالصالحين أصل في ديننا، ومن رحمة الله بنا أن هدانا لدرب الأوّلين من الأنبياء والصالحين، لنسير على نور هديهم؛ نتلمّس الخيرات والبركات ونحفظ أنفسنا من التيه والزلّات.
القدوة هي منزلة الرُسُل والأنبياء، وهي المهمة الأسمى والوظيفة الأعلى والغاية الأرجى على الإطلاق، وما وضعهم ربّ العالمين في تلك المنزلة وعلى كاهلهم أمانة التبليغ عنه سُبحانه؛ إلّا ليكون مقامنا أمامهم مقام التسليم والاتّباع وذاك على العموم، ثمّ مقام التقليد لخاصةٍ يرجون من الله المزيد.
فكل مسلم هو قدوة لغيره، يبتغي في هذا وجه ربّه سُبحانه وتعالى، ويتّبع هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، فإذا ما قلّد النبيّ صلوات ربّي عليه وسلامه فإنّما لأجر الاقتداء ثم أجر العمل في محراب القدوة لغيره.. وإنّ أشرف المهام لمهمة التبليغ عن الله ورسوله..
وفي الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «البخاري).
» (رواهإنّ القدوة المُثلى في حياتنا كمسلمين هو نبيّنا ومشكاة الهداية لنا حبيبنا نبي الله ورسوله محمّد صلى الله عليه وسلّم خاتم النبيين وسيّد المُرسلين، المعصوم من الزلل، أكمل الناس أخلاقًا والصورة الحقّة التي ينبغي أن نُقلّدها ونسير على هديها ونقفو أثرها.. حُقّ لنا أن نفعل وقد مدحه ربّ الخلق أجمعين وزكّاه واصطفاه وأكرمنا برسالته وشرّفنا به نبيّا ورسولًا..
قال الله تعالى موجهًا خطابه لنبيّه محمّد صلى الله عليه وسلّم: " {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]؛ ولو كان الاقتداء به صلوات ربّي عليه وسلامه عسير لما جاءنا على تلك الصورة السهلة القريبة من الروح والقلب، فما كان نبي أقرب إلى الناس وطباعهم وحياتهم منه صلى الله عليه وسلّم، فلم يؤيد بخوارق ماديّة كما كان حال أغلب الأنبياء وإنّما كانت مُعجزته الكُبرى في كتاب الله وهو الدُستور الأعظم للاقتداء بما فيه من أوامر ونواهي وقَصَص للأنبياء والصالحين وما كان من أخبارهم وسالف شأنهم.
ثمّ كانت سيرة النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم والتي لم تُدوّن لنبيّ من الأنبياء عُشر معشارها، فلا نعرف عن نبي ما نعرفه عن نبي الله محمّد صلى الله عليه وسلّم.
الحبيب محمد صلى الله عليه وسلّم بعثه الله لنا كمصباح قدوة وهداية يُنير ظلمة دربنا، وعلى سنا أخلاقه وسمته وسيرته نسير في الحياة حتى نصل غايتنا، جنة عرضها السماوات والأرض لعلّنا بحسن الاقتداء هنا ننعم بالصحبة هناك..
والاقتداء به صلى الله عليه وسلّم دليل محبّته، بل هو شرط الإيمان بالله ورسوله: " {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31].
شيماء علي جمال الدين
طالبة علوم شرعية على أيدي الشيوخ سواء على شبكة الإنترنت أو في محافظة الإسكندرية مهتمة بمجال دراسة علوم القرآن والتفسير بشكل خاص. لها العديد من المقالات والأبحاث والقصص القصيرة المنشورة على الشبكة الإلكترونية.
- التصنيف:
- المصدر: