الحاكمية ليست فانوساً سحرياً
القضية الإسلامية ليست قضية فانوس سحري -كما يتخيل البعض- يمتلكه حاكم مسلم يحكم الناس بالشريعة لتأتيهم خزائن الأرض و كنوزها في لحظات و تنهمر الأنهار بالعسل و اللبن و الخيرات في طرفة عين.
القضية الإسلامية ليست قضية فانوس سحري -كما يتخيل البعض- يمتلكه حاكم مسلم يحكم الناس بالشريعة لتأتيهم خزائن الأرض و كنوزها في لحظات و تنهمر الأنهار بالعسل و اللبن و الخيرات في طرفة عين.
و إن لم يأت الحاكم المسلم المطبق للشريعة بهذه المعجزات فسيجلد ظهره بأشد السياط و يطعن جسده بأحد الرماح.
القضية ليست كذلك:
القضية قضية منهج السماء الذي يسعى الحاكم المسلم لتطبيقه ويدعو الناس إليه ويسهل لهم العمل بالكتاب والسنة ليدخلوا الجنة ومع التطبيق ستنصلح دنياهم لا محالة.
فالقضية الأساسية هي إنقاذ الناس من جهنم و دخولهم في مرضاة الله.
تأملوا معي قول الله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام 50.
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ المقترحين عليه الآيات، أو القائلين له: إنما تدعونا لنتخذك إلهًا مع الله {وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} أي: مفاتيح رزقه ورحمته {وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} وإنما ذلك كله عند الله فهو الذي ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده، وهو وحده عالم الغيب والشهادة. فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول.
{وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} فأكون نافذ التصرف قويًا، فلست أدعي فوق منزلتي، التي أنزلني الله بها {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} أي: هذا غايتي ومنتهى أمري وأعلاه، إن أتبع إلا ما يوحى إلي، فأعمل به في نفسي، وأدعو الخلق كلهم إلى ذلك.
فإذا عرفت منزلتي، فلأي شيء يبحث الباحث معي، أو يطلب مني أمرا لست أدعيه، وهل يلزم الإنسان، بغير ما هو بصدده؟
ولأي شيء إذا دعوتكم، بما أوحي إلي أن تلزموني أني أدعي لنفسي غير مرتبتي. وهل هذا إلا ظلم منكم، وعناد، وتمرد؟ قل لهم في بيان الفرق، بين من قبل دعوتي، وانقاد لما أوحي إلي، وبين من لم يكن كذلك {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} فتنزلون الأشياء منازلها، وتختارون ما هو أولى بالاختيار والإيثار؟
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: