أكاديمية الفجور: رسالة أم مهزلة؟!
ملفات متنوعة
إن ممَّا يهدد تدهور وانحراف الأخلاق لدى فِئة الأطفال والشباب: ما
يدفع به بعضُ أصحاب الفضائيَّات العربية من برامج مشبوهة إلى الشاشة
الصغيرة، تخترق تعاليم الإسلام والأخلاق العامة، ومن أحدث هذه
الانحرافات برنامج "ستار أكاديمي"..
- التصنيفات: قضايا الشباب -
إن ممَّا يهدد تدهور وانحراف الأخلاق لدى فِئة الأطفال والشباب:
ما يدفع به بعضُ أصحاب الفضائيَّات العربية من برامج مشبوهة إلى
الشاشة الصغيرة، تخترق تعاليم الإسلام والأخلاق العامة، وتُسيء إلى
المبادئ والآراء السليمة، ومن أحدث هذه الانحرافات برنامج "ستار
أكاديمي": وهو برنامج غِنائي اجتماعي كما يقولون، تُرافق عدسة
"الكاميرا" فيه المتسابقين طوال يومهم، وترصُد تصرفاتهم وأحوالهم ضِمن
مسكن أو مبنًى يقيمون فيه مدة المسابقة ولا يخرجون منه.
قد تظنُّ أخي القارئ للوهلة الأولى أن البرنامج لا شيء فيه مما قلتُ في الأعلى، ولكن الاختلاط الذي يحدث فيه، والطبقة المختصَّة التي ينتمي إليها المتسابقون فيه يؤدِّي إلى مصائبَ كُبرى، وآفات تدمِّر الأخلاق، وتدعو من يشاهده للتخلِّي عنها.
ألا نتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثتُ لأتممَ مكارم الأخلاق»، رواه الإمام أحمد.
ولله در القائل:
فَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا
بَقِيَتْ *** فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا
فَقَدْ فَقَدَ المتسابقون في هذا البرنامج كلَّ معاني الحياء،
ودَعَتْهُم الرغبةُ والغريزة الْلافِطْريَّة لأن يكون كلُّ فردٍ منهم
متحرِّرًا من جنسه، فمن تصرفاتهم تستطيع القول: إن جميع من في
البرنامج هم من جنسٍ واحدٍ، ولكن ستستغرب حينما ترى خليطًا من الجنسين
يعيشون مع بعضهم بعضًا، وينامون في نفس الغُرف، ويأكلون ويلعبون
ويمارسون حياتهم اليومية مع بعضهم بعضًا بشكل اعتيادي، وربَّما وصلتْ
بهم الأمور إلى التعرِّي، دون أن يتبادرَ إلى ذِهن أحدِهم المغفل أن
هذا الذي يقومون به يخالف الإسلام والأديان بأكملها قبل كلِّ شيءٍ،
ويخالف العُرف والتقاليد، والأخلاق العامة عند العرب، وإلا فقولوا
لنا: منذ متى والعرب في هذا المستوى من الانحطاط والدَّمار الأخلاقي؟!
إنما هي الدعوة لـ "التحضُّر"، والتي لم تُنتج على طول ظهورها إلا ما
يخالف الدين والأخلاق، وينافي العادات والتقاليد، ولو عاد كلٌّ مِنَّا
إلى الإسلام، لوجد أن الإسلام هو لبُّ التحضُّر، ولو تمسكنا بالقرآن
الكريم وسُنَّة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لسُدْنَا على
الأمم كما ساد الخلفاء والصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم.
أعود للموضوع، ومما يثير الدهشة والغَرابة تطبيلٌ وتزميرٌ وهياجٌ؛ للدفاع عن هذا المستوى المنحط من أفراد المجتمع، والقول بأنه فنٌّ، وأيُّ فنٍّ ذلك الذي يدعو الناس إلى الإباحيَّة؟! وأيُّ رسالةٍ تلك التي استحلفكم المجتمع لتأديتها كما تزعمون؟! فلا والله ما هو بالفنِّ، وما أنتم بالفنَّانين، فقد كذب عليكم رُعاة البقر، وصوروا لكم النجاسة فنًّا فاستحليتموها، وإنما أنتم ثُلَّة مغفَّلة من المجتمع، غرَّها لمعانُ أسنان وحوش الفضائيَّات، وزيفتْ لكم الشوك وردًا والحرام حلالاً؛ حتى أوقعتكم في براثنها وتحوَّلتم إلى وحوش مثلها توقعون من تستطيعون من أفراد المجتمع في تلك البوتقة النَّتِنة، وتصورون له بأن ما يقوم به رسالة، فلا والله خَسِئْتم وخَسِئ مَن يُسمِّي هذه المهزلة رسالة! فما أنتم ولا هم في أخلاقكم إلا كالحيوانات، لا عقل تفكرون به، ولا أخلاق تتحكم بتصرفاتكم، إنما طيشٌ ووقاحة وقذارة تحيط بكم وبأفعالكم الشيطانيَّة.
ومما لا شك فيه أن هذا البرنامج وأمثاله من البرامج الخليعة الأخرى تختفي وراءَه تلك الأيدي الخبيثة التي تموِّل هذه القنوات الفضائيَّة، والتي حاقت بها الرذيلة، وهَمُّها أن تفسدَ حال المسلمين، وتشتتُ قوَّتهم، وتذهبُ أفكار شبابهم وبناتهم إلى ما فيه هدم للمسلمين في أخلاقهم ودِينهم، وخلط الحلال بالحرام؛ حتى لا يبقى شيءٌ ضمن قائمة الحرام، ولعلَّ هذه الفضائيَّات هي العدو الأول للإسلام والمسلمين والأخلاق، لكن الدعوة إلى العَلْمانية دَفْعَتْ بأخلاق كثيرٍ من الناس إلى الانحطاط، وقصر الدين على العبادات فقط.
وفي الواقع، أتساءل عن مكان وجود العائلة بالنسبة للبرنامج، وكيف أن في البرنامج بنات وشباب يعانق بعضهم بعضًا، ويقبِّل بعضهم بعضًا أمام العدسة الوقحة تلك؟! وكيف يتقبَّل أبٌ أن تقومَ ابنته بمعانقة شاب غريبٍ وتقبيله؟! بل ربَّما هي تتمنَّى ذلك؛ لأنها ستمتهنُ بعد ختام البرنامج مهنة ذات رسالة - كما يزعمون - لذلك ستدفع ثمن هذه الرسالة شرفَها! وقد تسترخص ذلك أمام شراء هذه الرسالة القذرة! وذلك الأب وتلك الأم، أنْعدمتْ كلُّ أسباب الغيرة لديهم؟! أم تحولوا من إنسان إلى شيءٍ آخرَ لا أودُّ ذِكره، وقرروا العيش في بَلادة أخلاقيَّة تُريحهم من الدفاع عن شرفهم وعِرْضهم؟! والأخ والزوج، ألا يتفرَّغون لدراسة وضع أُخْتهم أو زوجاتهم؟! أم أن مصطلح دَيُّوث يروق لهم تسميتهم به؟!
أسئلة كثير لا حصر لها، توجه أصابع الاتهام إلى العائلة والقنوات الفضائية والمجتمع، وتستلزم منَّا أن نقفَ لحظاتٍ مع أنفسنا؛ لنحددَ مَن الفاعل، ومَن المذنب في رأي الدين والأخلاق، والعناصر السامية في المجتمع.
المصدر: أديب قبلان - موقع الألوكة