جراح فرنسي عاد من غزة: الحرب فشلت و"حماس" قادتها باقتدار والغزيون يشعرون بالنصر
منذ 2010-05-29
وأوضح أن الرحلة كانت مقررة منذ زمن بعيد، على أساس أن تتم ترتيبات الدخول عن طريق معبر بيت حانون الذي يسميه الاحتلال "إيريز"، ولكن اندلاع المحرقة غير في طبيعتها وتوجهها، الأمر الذي أدى بالفريق للذهاب عن طريق مصر...
قدم الجراح الفرنسي البروفيسور كريستوف أوبرلان شهادة إنسانية وسياسية حول نتائج مذبحة غزة، بعد عودته من هناك، حيث قام بزيارة للقطاع في إطار مهمة طبية بين الحادي عشر والثامن عشر من الشهر الحالي، أجرى خلالها والفريق المرافق له العديد من العمليات للجرحى في رفح وخان يونس تحت القصف. وقال أوبرلان في لقاء مفتوح دعت لحضوره هيئات فرنسية للتضامن مع الشعب الفلسطيني أمس الأول في باريس، أنه عاد من غزة وسط شعور شامل بالنصر لدى أهلها. وأشار إلى أن معنويات الفلسطينيين في القطاع عالية جدا، وهم يتابعون الأخبار باهتمام شديد، وعلى عكس ما يحاول البعض أن يشيع فهم يغمرهم إحساس بأنهم ربحوا هذه الجولة، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدوها على المستويات كافة. وتحدث أوبرلان بصراحة من واقع تجربته الطويلة ومعرفته بغزة التي يزورها بشكل دوري منذ 2001 ، حيث عمل على تأهيل العديد من الأطباء الفلسطينيين، ومساعدة المستشفيات.
وأوضح أن الرحلة كانت مقررة منذ زمن بعيد، على أساس أن تتم ترتيبات الدخول عن طريق معبر بيت حانون الذي يسميه الاحتلال "إيريز"، ولكن اندلاع المحرقة غير في طبيعتها وتوجهها، الأمر الذي أدى بالفريق للذهاب عن طريق مصر.
ووجه لوما لموقف السلطات المصرية، في الوقت الذي أشاد بتعاون السفارة الفرنسية في القاهرة التي سهلت مهمة الفريق. وقال " حين وصلنا القاهرة لم نلق ترحيبا من الجانب المصري، كما أن أمن الحدود منع فريقنا لمدة ساعات، ولم يسمح لنا بالدخول إلى رفح خلال ساعات الهدنة، بل تحت وابل القصف "الإسرائيلي". ولكن السلطات المصرية كانت تسمح بمرور سيارات الإسعاف في اتجاه المشافي المصرية، وهي تنقل حالات خطيرة، تحتاج في صورة أساسية للإنعاش ". وقال إن هذه الخطوة في غاية الأهمية لأن هناك الكثير من الإصابات البالغة، التي لا تفيد معها العمليات الجراحية فقط.
وقال أوبرلان أنه اضطر لتخفيف عدد الفريق قبل الانتقال إلى غزة، وتحدث عن اللحظات الأولى لوصوله إلى المشفى الذي يبعد نحو 300 متر عن الحدود مع مصر، ويديره أطباء فلسطينيون، يتواجد فيه ثلاثة جراحين وثلاث غرف عمليات، وقال إنه وجد هناك أطباء من عدة جنسيات، ولفت انتباهه فريقٌ طبيٌ مصريٌ من 12 جراحا، منهم ثلاثة من أساتذة الجامعات، ظلوا محصورين على الحدود لمدة ثلاثة أيام، ونقل عن بعض هؤلاء أنهم دخلوا إلى رفح عن طريق الأنفاق. كما تحدث عن فريق من الجراحين العراقيين الذين جاؤوا من الموصل، والمفارقة أن هؤلاء يعتبرون الحياة في ظل الحرب في غزة أكثر أمانا منها في الموصل، لأن الإنسان يعرف العدو الواقف أمامه بينما هناك يعيش بانتظار المجهول. وأوضح أن عدد الأطباء المتطوعين كان كبيرا، وقال في اليوم الذي عدنا فيه كان هناك قرابة 60 جراحا، وكان الهم الأساسي لإدارة المشفى الأوروبي في خان يونس هو إيجاد أسرَّة كافية للجراحين.
وتحدث عن الوضع في غزة فقال إنه كان يسير بشكل جيد، ووصف القطاع بأنه من أكثر المناطق في العالم أمانا على صعيد عدم المس بالممتلكات الشخصية والسطو أو السرقة وما شابه ذلك. وقال رغم القصف المتواصل فقد كان الأمن مستتباً، وكانت "حماس" تدير الموقف بهدوء أعصاب وبجدارة. وأشار إلى العديد من الهيئات التي كانت تعمل هناك قبل الحرب، واستمرت تؤدي دورها خلالها. ووصف حديث المسؤولين "الإسرائيليين" عن ضرورة استسلام قادة "حماس" بأنه نوع من الهذيان، لأن هؤلاء قادوا المعركة بعزيمة كبيرة، وفي يوم إعلان وقف إطلاق النار، كان الشعور العام في الشارع هو الإحساس بالنصر. وقال لم تحصل أخطاء كبيرة على صعيد إدارة المعركة، باستثناء ذاك الذي أودى بحياة سعيد صيام، الذي خرج للعلن، الأمر الذي عرضه للرصد والاغتيال بصاروخ طائرة "إسرائيلية". وأكد أن الوحدة الوطنية تعززت في الميدان، وأنه لم يلمس أي حالة تذمر، بل كان هناك وعي تام بالموقف، وكان تلفزيون الأقصى يبث ثلاث ساعات يوميا.
ووصف حديث "إسرائيل" عن إيقاف تهريب الأسلحة بـ "النكتة"، وقال إن غالبية الأنفاق التي ادعت "إسرائيل" تدميرها تعمل بشكل طبيعي، والدليل على ذلك هو أن غالبية قادة "حماس" لا يزالون على قيد الحياة رغم التدمير الكبير، وعزا السبب إلى أن القنابل الكبيرة التي استخدمت في عمليات التدمير قادرة على إحداث أضرار في محيط 50 مترا، وهذا أمر من السهل إعادة ترميمه.
وفي ما يتعلق بوقف إطلاق النار، أبدى أوبرلان تشاؤمه من صموده لفترة طويلة، وتوقع عودة صواريخ القسام قريبا، ووصفها بأنها سلاح نفسي، هدفه إيصال رسالة دائمة لـ "الإسرائيليين" بأنهم لن يعيشوا بأمان، طالما أنهم يرفضون حل القضية الفلسطينية. وقال لم أر فلسطينيا واحد في غزة خائفا أو يأسف لاستمرار إطلاق الصواريخ، وأكد ان إحدى نتائج هذه الحرب هي تقوية عزيمة الفلسطينيين، وتعزيز اللحمة بينهم. وقال في الختام، لا أعتقد أن "إسرائيل" خرجت قوية من الحرب، بل إنها لم تحقق أهدافها المباشرة منها، وقد اضطرت لإيقافها لأنها غير قادرة على مواصلتها من جهة، وبسبب مباشرة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما مهامه، من جهة ثانية.
المصدر: بشير البكر - باريس
- التصنيف: